في العيش بعد هؤلاء من خير ، فما أنا بصابر حتى ألقى الأحبة فقدمه ثابت فضرب عنقه ، فلما بلغ أبا بكر الصديق قوله ألقى الأحبة ، قال : يلقاهم والله في نار جهنم خالدا فيها مخلدا أبدا. قالوا : وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد أمر بقتل من أنبت منهم ، ثم قسم أموال بني قريظة ونساءهم وأبناءهم على المسلمين وأعزل في ذلك اليوم سهمان الخيل وسهمان الرجال وأخرج منهما الخمس ، فكان للفارس ثلاثة أسهم للفرس سهمان وللفارس سهم وللراجل ممن ليس له فرس سهم ، وكانت الخيل ستة وثلاثين فرسا وكان أول فيء وقع فيه السهمان ، ثم بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم سعد بن زيد الأنصاري أخا بني عبد الأشهل بسبايا من سبايا بني قريظة إلى نجد فابتاع لهم بهم خيلا وسلاحا ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد اصطفى لنفسه من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خنافة (١) إحدى نساء بني عمرو بن قريظة ، فكانت عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى توفي عنها وهي في ملكه ، وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحرص عليها أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب ، فقالت : يا رسول الله بل تتركني في ملك فهو أخف عليّ وعليك. فتركها وقد كانت حين سباها كرهت الإسلام وأبت إلا اليهودية ، فعزلها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ووجد في نفسه من ذلك في أمرها ، فبينما هو مع أصحابه إذ سمع وقع نعلين خلفه فقال إن هذا لثعلبة بن شعبة يبشرني بإسلام ريحانة ، فجاءه فقال : يا رسول الله قد أسلمت ريحانة ، فسره ذلك.
[١٧٠٠] فلما انقضى شأن بني قريظة انفجر جرح سعد بن معاذ ، وذلك أنه دعا بعد أن حكم في بني قريظة ما حكم فقال : اللهم إنك قد علمت أنه لم يكن قوم أحب إليّ أن أجاهدهم من قوم كذبوا رسولك ، اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش على رسولك شيئا فأبقني لها وإن كنت قد قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني إليك ، فانفجر كلمه فرجعه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى خيمته التي ضربت عليه في المسجد ، قالت عائشة : فحضره رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر وعمر فو الذي نفسي بيده إني لأعرف بكاء عمر من بكاء أبي بكر وإني لفي حجرتي ، قالت [عائشة](٢) : وكانوا كما قال الله تعالى : (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح : ٢٩] ، وكان فتح بني قريظة في آخر ذي القعدة سنة خمس من الهجرة.
[١٧٠١] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد](٣) المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا عبد الله بن محمد أنا يحيى بن آدم أنا إسرائيل سمعت أبا إسحاق يقول سمعت سليمان بن صرد يقول سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول حين أجلى الأحزاب عنه : «الآن نغزوهم ولا يغزونا نحن نسير إليهم».
__________________
[١٧٠٠] ـ أخرجه البخاري ٤١٢٢ والبيهقي ٤ / ٢٧ من حديث عائشة دون عجزه «قالت عائشة فحضره رسول الله صلىاللهعليهوسلم ....».
[١٧٠١] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري.
ـ عبد الله بن محمد هو الجعفي ، إسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السّبيعي ، أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله.
ـ وهو في «شرح السنة» ٣٦٨٨ بهذا الإسناد.
ـ وهو في «صحيح البخاري» ٤١١٠ عن عبد الله بن محمد بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري ٤١٠٩ وأحمد ٤ / ٢٦٢ والبيهقي في «الدلائل» ٣ / ٤٥٧ من طرق عن سفيان به.
ـ وأخرجه أحمد ٤ / ٦٦٢ من طريق شعبة والبيهقي ٣ / ٤٥٩ من طريق إسرائيل كلاهما عن أبي إسحاق به.
(١) في المخطوط «خنافة».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.