أرسالا : يا كعب ما ترى (١) يصنع بنا فقال كعب : أفي كل موطن لا تعقلون أما ترون الداعي لا ينزع وإن من يذهب به منكم لا يرجع ، هو والله القتل ، فلم يزل ذلك الدأب حتى فرغ منهم النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأتى حيي بن أخطب عدو الله عليه حلة تفاحية قد شققها عليه من كل ناحية كموضع الأنملة أنملة أنملة لئلا يسلبها مجموعة يداه إلى عنقه بحبل ، فلما نظر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال أما والله ما لمت نفسي في عداوتك ولكنه من يخذل الله يخذل ، ثم أقبل على الناس فقال أيها الناس إنه لا بأس بأمر الله [كتاب](٢) وقدره وملحمة كتبت على بني إسرائيل ، ثم جلس فضربت عنقه.
[١٦٩٨] وروى عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت لم يقتل من نساء بني قريظة إلا امرأة واحدة قالت والله إنها عندي تتحدث معي وتضحك ظهرا وبطنا ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم لم يزل يقتل رجالهم بالسيوف إذ هتف هاتف باسمها : أين فلانة قالت : أنا والله هي ، قالت : قلت ويلك ما لك؟ قالت : أقتل ، قلت : ولم؟ قالت : حدث أحدثته ، قالت : فانطلق بها فضربت عنقها ، وكانت عائشة تقول : ما أنسى عجبا منها طيب نفس وكثرة ضحك ، وقد عرفت أنها تقتل.
قال الواقدي : وكان اسم تلك المرأة نباتة (٣) امرأة الحكم القرظي وكانت قتلت خلاد بن سويد ، رمت عليه رحى فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بها فضربت عنقها بخلاد بن سويد ، قال : وكان علي والزبير يضربان أعناق بني قريظة ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم جالس هناك.
[١٦٩٩] وروى محمد بن إسحاق عن الزهري : أن الزبير بن باطا القرظي وكان يكنّى أبا عبد الرحمن ، كان قد من على ثابت بن قيس بن شماس في الجاهلية يوم بعاث أخذه فجز ناصيته ، ثم خلى سبيله فجاءه يوم قريظة وهو شيخ كبير فقال : يا أبا عبد الرحمن هل تعرفني؟ قال : وهل يجهل مثلي مثلك؟ قال : إني أردت أن أجزيك بيدك عندي ، قال : إن الكريم يجزي الكريم ، قال : فأتى ثابت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله قد كانت للزبير عندي يد وله عليّ منة ، وقد أحببت أن أجزيه بها فهب لي دمه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هو لك» فأتاه فقال له إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد وهب لي دمك ، قال شيخ كبير لا أهل له ولا ولد فما يصنع بالحياة ، فأتى ثابت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله أهله وماله؟ قال : هم لك فأتاه فقال : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أعطاني امرأتك وولدك فهم لك ، قال : أهل بيت بالحجاز لا مال لهم فما بقاؤهم على ذلك ، فأتى ثابت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : ما له يا رسول الله؟ قال : هو لك ، قال : فأتاه فقال إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد أعطاني مالك فهو لك ، فقال : أي ثابت ما فعل الله بمن كان وجهه مرآة مضيئة تتراءى فيها عذارى الحي كعب بن أسد ، قال : قتل ، قال : فما فعل سيد الحاضر والبادي حيي بن أخطب؟ قال : قتل ، قال : فما فعل مقدمتنا إذا شددنا وحامينا إذا كررنا عزال بن شموال؟ قال قتل ، قال : فما فعل المجلسان يعني بني كعب بن قريظة وبني عمرو بن قريظة؟ قال : ذهبوا وقتلوا ، قال : فإني أسألك بيدي عندك يا ثابت إلا ما ألحقتني بالقوم ، فو الله ما
__________________
[١٦٩٨] ـ أخرجه الطبري ٢٨٤٤٨ من طريق محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة ، وإسناده ضعيف ، فيه عنعنة ابن إسحاق ، وهو مدلس.
[١٦٩٩] ـ أخرجه البيهقي في «الدلائل» ٤ / ٢٣ ـ ٢٤ من طريق ابن إسحاق عن الزهري مرسلا ، ولأكثره شواهد.
(١) زيد في المطبوع «ما».
(٢) زيد في المطبوع ، وفي ـ ط ـ «شبابة».
(٣) كذا في المخطوطتين ، وفي المطبوع «بنانة».