على حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وخرج في تلك الليلة عمرو بن سعدى (١) القرظي فمرّ بحرس رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعليه محمد بن سلمة الأنصاري تلك الليلة ، فلما رآه قال : من هذا؟ قال : عمرو بن سعدى ، وكان عمرو قد أبى أن يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول (٢) الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : لا أغدر بمحمد أبدا ، فقال محمد بن مسلمة حين عرفه : اللهم لا تحرمني من عثرات الكرام ثم خلى سبيله ، فخرج على وجهه حتى بات في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمدينة تلك الليلة ثم ذهب فلا يدرى أين ذهب من أرض الله ، فذكر لرسول الله صلىاللهعليهوسلم شأنه ، فقال : ذاك رجل قد أنجاه الله بوفائه. وبعض الناس يزعم أنه كان قد أوثق برمة فيمن أوثق من بني قريظة حين نزلوا على حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأصبحت رمته ملقاة لا يدرى أين يذهب ، فقال فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم تلك المقالة ، والله أعلم. فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتواثبت الأرس فقالوا يا رسول الله إنهم موالينا دون الخزرج وقد فعلت في موالي الخزرج بالأمس ما قد علمت ، وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل بني قريظة حاصر بني قينقاع وكانوا حلفاء الخزرج ، فنزلوا على حكمه فسألهم إيّاه عبد الله بن أبي ابن سلول ، فوهبهم إيّاه فلما كلمه الأوس قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيكم رجل منكم»؟ قالوا : بلى ، قال : فذاك إلى سعد بن معاذ ، وكان سعد بن معاذ قد جعله رسول الله صلىاللهعليهوسلم في خيمة امرأة من المسلمين يقال لها رفيدة في مسجده وكانت تداوي الجرحى ، وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد قال لقومه حين أصابه السهم بالخندق اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب ، فلما حكّمه رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بني قريظة أتاه قومه فاحتملوه على حمار قد وطئوا له بوسادة من أدم ، وكان رجلا جسيما ثم أقبلوا معه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهم يقولون يا أبا عمرو أحسن في مواليك ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنّما ولّاك ذلك لتحسن فيهم ، فلما أكثروا عليه قال : قد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم ، فرجع بعض من كان معه من قومه إلى دار بني عبد الأشهل فنعى لهم رجال بني قريظة من قبل أن يصل إليهم سعد بن معاذ عن كلمته التي سمع منه ، فلما انتهى سعد إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : قوموا إلى سيدكم فأنزلوه ، فقاموا إليه فقالوا : يا أبا عمرو إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد ولّاك مواليك لتحكم فيهم ، فقال سعد : عليكم بذلك عهد الله وميثاقه أنّ الحكم فيها ما حكمت؟ قالوا : نعم ، قال : وعلى من هاهنا في الناحية التي فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو معرض عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم إجلالا له ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : نعم ، قال سعد : فإني أحكم فيهم أن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذراري والنساء.
[١٦٩٧] [قال] فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لسعد : «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة» ، ثم استنزلوا فحبسهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم في دار بنت الحارث امرأة من بني النجار ، ثم خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى سوق المدينة التي هي سوقها اليوم ، فخندق بها خندقا ثم بعث إليهم فضربت أعناقهم في تلك الخنادق ، يخرج بهم إليه أرسالا أرسالا وفيهم عدو الله حيي بن أخطب وكعب بن أسد رئيسا القوم ، وهم ستمائة أو سبعمائة ، والمكثر لهم يقول كانوا بين ثمانمائة إلى تسعمائة ، وقد قالوا لكعب بن أسد وهم يذهب بهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم
__________________
[١٦٩٧] ـ أخرجه الطبري ٢٨٤٤٧ من طريق ابن إسحاق عن عاصم بن عمر عن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ ، عن علقمة بن وقاص الليثي ، وهذا مرسل ، لكن لعامته شواهد.
(١) في المخطوط «سعد» والمثبت عن المطبوع والطبري.
(٢) في المخطوط «لرسول».