[١٦٢٠] نزلت هذه الآية والتي في سورة لقمان [١٤] والأحزاب [٧٢] في سعيد بن أبي وقاص رضي الله عنه وهو سعد بن مالك [أبو] إسحاق الزهري وأمه حمنة بنت أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس لما أسلم ، وكان من السابقين الأولين وكان بارا بأمه قالت له أمه : ما هذا الدين الذي أحدثت والله لا أكل ولا أشرب حتى ترجع إلى ما كنت عليه أو أموت فتعيّر بذلك أبد الدهر ، فيقال : يا قاتل أمه ، ثم إنها مكثت يوما وليلة لم تأكل ولم تشرب ولم تستظل فأصبحت وقد جهدت ثم مكثت يوما آخر وليلة لم تأكل ولم تشرب ، فجاء سعد إليها وقال : يا أماه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني فلي وإن شئت فلا تأكلي ، فلما أيست منه أكلت وشربت ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وأمره بالبر بوالديه والإحسان إليهما وأن لا تعطهما في الشرك ، فذلك قوله عزوجل : (وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما).
[١٦٢١] وجاء في الحديث : «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (١) ثم أوعد بالمصير إليه فقال : (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ، أخبركم بصالح أعمالكم وسيئها فأجازيكم عليها.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (٩) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ (١٠) وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ (١١) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٢) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ (١٣))
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ) ، في ذمة الصالحين وهم الأنبياء والأولياء ، وقيل : في مدخل الصالحين ، وهو الجنة.
قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ) ، أصابه بلاء من الناس افتتن ، (جَعَلَ
__________________
[١٦٢٠] ـ أخرجه الواحدي في «الوسيط» ٣ / ٤١٤ من طريق مسلمة بن علقمة عن داود بن أبي هند عن أبي عثمان النهدي أن سعد بن مالك قل : نزلت في هذه الآية (وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) قال : كنت رجلا برا بأمي فلما أسلمت قالت : يا سعد ما هذا الدين الذي قد أحدثت؟ لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعيّر بي فيقال : يا قاتل أمه ....» فذكره بتمامه.
ـ وأخرجه مسلم ص ١٨٧٧ ح ١٧٤٨ والترمذي ٣١٨٩ وأبو يعلى ٧٨٢ من حديث سعد قال : «حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبدا حتى يكفر بدينه ، ولا تأكل ، ولا تشرب قالت : زعمت أن الله وصالك بوالديك ، وأنا أمك آمرك بهذا قال : مكثت ثلاثا حتى غشي عليها من الجهد ، فام ابن لها يقال له عمارة ، فسقاها فجعلت تدعو على سعد فأنزل الله عزوجل في القرآن هذه الآية (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ ...)» وله تتمة.
[١٦٢١] ـ صحيح. أخرجه أحمد ٤ / ٤٢٦ و ٤٣٢ و ٤٣٦ وعبد الرزاق ٢٠٧٠٠ والطبراني في «الأوسط» ١٣٧٤ والقضاعي ٨٧٣ من طرق عن عمران بن حصين بألفاظ متقاربة وإسناده صحيح ، رجاله ثقات.
ـ وله شاهد من حديث علي أخرجه البخاري ٧٢٥٧ ومسلم ١٨٤٠ وأبو داود ٢٦٢٥ والنسائي ٧ / ١٠٩ وأحمد ١ / ١٤٩ وابن حبان ٤٥٦٧ وفيه قصة.
ـ وفي الباب أحاديث كثيرة.
(١) في المخطوط «الله».