قوله تعالى : (وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) (٢٣) ، يسلم بعضهم على بعض وتسلم الملائكة عليهم. وقيل : المحيي بالسلام هو الله عزوجل.
وقوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) ، ألم تعلم ، والمثل قول سائر لتشبيه شيء بشيء. (كَلِمَةً طَيِّبَةً) ، هي قول : لا إله إلا الله ، (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) ، وهي النخلة يريد كشجرة طيبة الثمرة.
وقال أبو ظبيان عن ابن عباس : هي شجرة في الجنة ، (أَصْلُها ثابِتٌ) ، في الأرض ، (وَفَرْعُها) ، أعلاها ، (فِي السَّماءِ) ، كذلك أصل هذه الكلمة راسخ في قلب المؤمن بالمعرفة والتصديق فإذا تكلم بها عرجت فلا تحجب حتى تنتهي إلى الله عزوجل. قال الله تعالى : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) [فاطر : ١٠].
(تُؤْتِي أُكُلَها) ، تعطي (١) ثمرها ، (كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) ، والحين في اللغة هو الوقت ، وقد اختلفوا في معناه هاهنا فقال مجاهد وعكرمة : الحين هاهنا سنة كاملة لأن النخلة تثمر كل سنة.
وقال سعيد بن جبير وقتادة والحسن : ستة أشهر من وقت اطلاعها إلى صرامها. وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما. وقيل : أربعة أشهر من حين ظهورها إلى إدراكها.
وقال سعيد بن المسيب : شهران من حين تؤكل إلى الصرام.
وقال الربيع بن أنس : كل حين أي كل غدوة وعشية لأن ثمر النخل (٢) يؤكل أبدا ليلا ونهارا وصيفا وشتاء ، إما تمرا أو رطبا أو بسرا ، كذلك عمل المؤمن يصعد أول النهار وآخره وبركة إيمانه لا تنقطع أبدا بل تصل إليه في كل وقت. والحكمة في تمثيل الإيمان بالشجرة هي أن الشجرة لا تكون شجرة إلا بثلاثة أشياء : عرق راسخ وأصل قائم وفرع عال كذلك الإيمان لا يتم إلا بثلاثة أشياء تصديق بالقلب وقول باللسان وعمل بالأبدان.
[١٢١٦] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي أنبأنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني أنبأنا عبد الله بن عمرو الجوهري أنا أحمد بن علي الكشمهيني ثنا علي بن حجر ثنا إسماعيل بن جعفر ثنا عبد الله بن دينار أنه سمع ابن عمر يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي»؟ قال عبد الله فوقع الناس في شجر البوادي ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت ، ثم
__________________
[١٢١٦] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم ، وللحديث طرق.
ـ وهو في «شرح السنة» ١٤٣ بهذا الإسناد.
ـ وخرجه مسلم ٢٨١١ من طريق علي بن حجر به.
ـ وأخرجه البخاري ٦١ ومسلم ٢٨١١ وابن حبان ٢٤٦ من طرق عن إسماعيل بن جعفر به.
ـ وأخرجه البخاري ١٣١ والترمذي ٢٨٦٧ وأحمد ٢ / ٦١ و ١٥٧ وابن حبان ٢٤٣ من طرق عن ابن دينار به.
ـ وأخرجه البخاري ٤٦٩٨ و ٦١٤٤ ومسلم ٢٨١١ من طريق عبد الله عن نافع عن ابن عمر به.
ـ وأخرجه البخاري ٦١٢٢ وأحمد ٢ / ٣١ وابن مندة في «الإيمان» ١٩٠ من طريق شعبة عن محارب بن دثار عن ابن عمر به.
ـ وأخرجه البخاري ٧٢ و ٢٢٠٩ ومسلم ٢٨١١ وأحمد ٢ / ١٢ و ١١٥ والحميدي ٦٧٦ وابن حبان ٢٤٤ من طرق عن مجاهد عن ابن عمر به.
(١) في المطبوع «تغطي».
(٢) في المخطوط «النخلة».