قال مقاتل : نسجت الشياطين لسليمان بساطا فرسخا في فرسخ ذهبا في إبريسم وكان يوضع له منبر من الذهب في وسط البساط فيقعد عليه وحوله ثلاثة آلاف كرسي من ذهب وفضة ، ويقعد الأنبياء على كراسي الذهب والعلماء على كراسي الفضة وحولهم الناس ، وحول الناس الجن والشياطين ، وتظله الطير بأجنحتها [حتى](١) لا تقع عليه الشمس ، وترفع ريح الصبا البساط مسيرة شهر من الصباح إلى الرواح ومن الرواح إلى الصباح.
وعن سعيد بن جبير قال : كان يوضع لسليمان ستمائة ألف كرسي فيجلس الإنس فيما يليه ثم يليهم الجن ثم تظلهم (٢) الطير ثم تحملهم الريح.
وقال الحسن : لما شغلت الخيل نبي الله سليمان عليهالسلام حتى فاتته صلاة العصر غضب لله عزوجل فعقر الخيل فأبدله الله مكانها خيرا منها ، وأسرع الريح تجري بأمره كيف شاء ، فكان يغدو من إيلياء فيقيل بإصطخر ، ثم يروح منها فيكون رواحها ببابل.
وقال ابن زيد (٣) : كان له مركب من خشب وكان فيه ألف ركن في كل ركن ألف بيت يركب معه فيه الجن والإنس ، تحت كل ركن ألف شيطان يرفعون ذلك المركب ، فإذا ارتفع أتت الريح الرخاء فسارت به وبهم ، يقيل عند قوم بينه وبينهم شهر ويمسي عند قوم بينه وبينهم شهر ، ولا يدري القوم إلا وقد أظلهم معه الجيوش.
وروي أن سليمان سار من أرض العراق غازيا فقال بمدينة مرو ، وصلى العصر بمدينة بلخ ، تحمله وجنوده الريح ، وتظلهم الطير ، ثم سار من مدينة بلخ متخللا بلاد الترك ، ثم جاز بهم (٤) إلى أرض الصين يغدو على مسيرة شهر ويروح على مثل ذلك ، ثم [عطف](٥) عن مطلع الشمس على ساحل البحر حتى أتى على أرض القندهار ، وخرج منها إلى أرض مكران وكرمان ، ثم جاوزها [حتى أتى](٦) أرض فارس فنزلها أياما وغدا منها [بكسكر](٧) ، فقال (٨) بكسكر ثم راح [إلى الشام](٩) وكان مستقره بمدينة تدمر ، وكان أمر الشياطين قبل شخوصه من الشام إلى العراق ، فبنوها له بالصفاح والعمد والرخام الأبيض والأصفر ، وفي ذلك يقول النابغة :
ألا سليمان إذ قال المليك له |
|
قم في البرية فاحددها عن العقد |
وجيش الجن إني قد أذنت لهم |
|
يبنون تدمر بالصفاح والعمد |
(وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ (٨٢) وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣))
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المخطوط «تليهم».
(٣) تصحف في المخطوط «يزيد».
(٤) تصحف في المطبوع «جاء بهم».
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) في المطبوع «حوالي».
(٧) في المطبوع «إلى الشام».
(٨) من «القيلولة».
(٩) سقط من المطبوع.