قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب : (لَنْ تُخْلَفَهُ) بكسر اللام. أي لن تغيب عنه ولا مذهب لك عنه بل توافيه يوم القيامة ، وقرأ الآخرون بفتح اللام أي لن تكذبه ولن يخلفك الله ، ومعناه أن الله تعالى يكافئك على فعلك فلا تفوته ، (وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ) ، بزعمك ، (الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً) ، أي ظلت ودمت عليه مقيما تعبده ، والعرب تقول : ظلت أفعل كذا بمعنى ظللت ومست بمعنى مسست [(لَنُحَرِّقَنَّهُ) بالنار](١) ، وقرأ أبو جعفر بالتخفيف من الإحراق ، (ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ) ، لنذرينه ، (فِي الْيَمِ) ، في البحر ، (نَسْفاً).
روي أن موسى أخذ العجل فذبحه فسال منه دم لأنه كان قد صار لحما ودما ثم حرقه بالنار ، ثم ذراه في اليم ، قرأ ابن محيصن : (لَنُحَرِّقَنَّهُ) بفتح النون وضم الراء لنبردنه بالمبرد ، ومنه قيل للمبرد المحرق. وقال (٢) السدي : أخذ موسى العجل فذبحه ثم حرقه بالمبرد ثم ذراه في اليم.
(إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) (٩٨) ، وسع علمه كل شيء.
(كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ) ، من الأمور ، (وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) ، يعني القرآن.
(مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ) ، أي عن القرآن فلم يؤمن به ولم يعمل بما فيه ، (فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً) ، حملا ثقيلا من الإثم.
(خالِدِينَ فِيهِ) ، مقيمين في عذاب الوزر ، (وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً) ، أي بئس ما حملوا على أنفسهم من الإثم كفرا (٣) بالقرآن.
(يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً (١٠٢) يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً (١٠٣) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً (١٠٤) وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (١٠٥) فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (١٠٦) لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً (١٠٧) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً (١٠٨))
(يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) ، قرأ أبو عمرو ننفخ بالنون وفتحها وضم الفاء لقوله : (وَنَحْشُرُ) وقرأ الآخرون بالياء وضمها وفتح الفاء علي غير تسمية الفاعل ، (وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ) ، المشركين ، (يَوْمَئِذٍ زُرْقاً) ، والزرقة هي الخضرة في سواد العين فيحشرون زرق العيون سود الوجوه. وقيل : زرقا أي عميا. وقيل :
عطاشا.
(يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ) ، أي يتشاورون بينهم ويتكلمون خفية ، (إِنْ لَبِثْتُمْ) ، أي ما مكثتم في الدنيا ، (إِلَّا عَشْراً) ، أي عشر ليال. وقيل : في القبور. وقيل : بين النفختين ، وهو أربعون سنة ، لأن العذاب يرفع عنهم بين النفختين استقصروا مدة لبثهم لهول ما عاينوا.
قال الله تعالى : (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ) ، أي يتشاورون بينهم ، (إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً) ، أوفاهم عقلا وأعدلهم قولا ، (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً) ، قصر ذلك في أعينهم في جنب ما استقبلهم من أهوال يوم القيامة. وقيل : نسوا مقدار لبثهم لشدة ما دهمهم.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المخطوط «قال».
(٣) في المخطوط «لأنهم كفروا».