القبط وكان ذلك معهم حين خرجوا من مصر. وقيل : إن الله تعالى لما أغرق فرعون [وقومه](١) نبذ البحر حليهم فأخذوها فكانت غنيمة ولم تكن الغنيمة حلالا لهم في ذلك الزمان ، فسماها أوزارا لذلك ، (فَقَذَفْناها) ، قيل : إن السامري قال لهم احفروا حفيرة فألقوها فيها حتى يرجع موسى ، قال السدي : قال لهم هارون إن تلك غنيمة لا تحل فاحفروا حفيرة فألقوها فيها حتى يرجع موسى ، فيرى فيها رأيه ، ففعلوا. قوله : (فَقَذَفْناها) أي طرحناها في الحفيرة (٢) ، (فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُ) ، ما معه من الحلي فيها ، وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما : أو قد هارون نارا وقال : اقذفوا ما معكم فيها ، [فألقوه فيها](٣) ثم ألقى السامري ما كان معه من تربة حافر فرس جبريل. قال قتادة : كان [قد] صر قبضة من ذلك التراب في عمامته.
(فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ) ، أي تركه موسى هاهنا وذهب يطلبه. وقيل : أخطأ الطريق وضل.
قال الله تعالى : (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً) ، أي : لا يرون أن العجل لا يكلمهم ولا يجيبهم إذا دعوه ، (وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً) ، وقيل : إن هارون مرّ على السامري وهو يصوغ العجل فقال له : ما هذا؟ قال : أصنع ما ينفع ولا يضر فادع لي ، فقال هارون : اللهم أعطه ما سألك على ما في نفسه ، فألقى [السامري](٤) التراب في فم العجل وقال : كن عجلا يخور فكان ذلك بدعوة هارون ، والحقيقة أن ذلك كان فتنة ابتلى الله بها بني إسرائيل.
(وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ) ، أي من قبل رجوع موسى ، (يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ) ، ابتليتم بالعجل ، (وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي) ، على ديني في عبادة الله ، (وَأَطِيعُوا أَمْرِي) ، في ترك عبادة العجل.
(قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى (٩١) قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٩٣) قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (٩٤) قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ (٩٥) قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (٩٦))
(قالُوا لَنْ نَبْرَحَ) ، أي لن نزال ، (عَلَيْهِ) ، على عبادته ، (عاكِفِينَ) ، مقيمين ، (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) ، فاعتزلهم هارون في اثني عشر ألفا وهم الذين لم يعبدوا العجل ، فلما رجع موسى وسمع الصياح والجلبة وكانوا يرقصون حول العجل فقال للسبعين الذين (٥) معه هذا صوت الفتنة ، فلما رأى هارون أخذ شعر رأسه بيمينه ولحيته بشماله.
و (قالَ) ، له ، (يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا) ، أشركوا.
(أَلَّا تَتَّبِعَنِ) ، أي : أن تتبعني ولا صلة أي [أن](٦) تتبع أمري ووصيتي ، يعني : هلا قاتلتهم
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «الحفرة».
(٣) زيد في المطبوع و ـ ط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيد في المطبوع «كانوا».
(٦) سقط من المطبوع.