وقيل : إن المشركين قالوا إن هذا الرجل ليست له همة إلا في النساء فأنزل الله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) ، وما جعلناهم ملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون ، (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ، هذا جواب عبد الله بن أبي أمية.
ثم قال : (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) ، يقول : لكل أمر قضاه الله كتاب قد كتبه فيه [ووقت يقع فيه وقيل لكل أجل أجله الله كتاب أثبت فيه](١). وقيل : فيه تقديم وتأخير تقديره أي : لكل كتاب أجل ومدة أي : الكتب المنزلة لكل واحد منها وقت ينزل فيه.
(يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) ، قرأ ابن كثير وأبو عمر وعاصم ويعقوب ويثبت بالتخفيف وقرأ الآخرون بالتشديد. واختلفوا في معنى الآية فقال سعيد بن جبير وقتادة : يمحو الله ما يشاء من الشرائع والفرائض فينسخه ويبدله ويثبت ما يشاء منها فلا ينسخه.
وقال ابن عباس يمحو الله ما يشاء ويثبت إلا الرزق والأجل والسعادة والشقاوة.
[١٢١١] وروينا عن حذيفة بن أسيد عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين أو خمس وأربعين ليلة ، فيقول : يا رب أشقي أم (٢) سعيد؟ فيكتبان ، فيقول : أي ربّ أذكر أم أنثى؟ فيكتبان ، ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه ، ثم تطوى الصحيفة فلا يزاد فيها ولا ينقص». وعن عمر وابن مسعود (٣) أنهما قالا : يمحو السعادة والشقاوة أيضا ، ويمحو الرزق والأجل ويثبت ما يشاء.
روي عن عمر أنه كان يطوف بالبيت وهو يبكي ويقول : اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني فيها وإن كنت كتبتني على الشقاوة فامحني ، وأثبتني في أهل السعادة والمغفرة ، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب. ومثله عن ابن مسعود.
وفي بعض الآثار : إن الرجل يكون قد بقي من عمره ثلاثون سنة فيقطع رحمه فترد إلى ثلاثة أيام ، والرجل يكون قد بقي من عمره ثلاثة أيام فيصل رحمه فيرد (٤) إلى ثلاثين سنة.
[١٢١٢] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد](٥) المليحي أنا أبو منصور السمعاني ثنا أبو جعفر الرياني ثنا حميد بن زنجويه ثنا عبد الله بن صالح حدثني الليث بن سعد حدثني زيادة بن محمد الأنصاري عن محمد بن كعب القرظي عن فضالة بن عبيد عن أبي الدرداء أنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ينزل الله عزوجل في آخر ثلاث ساعات يبقين من الليل فينظر في الساعة الأولى منهن في أم الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره فيمحو ما يشاء ويثبت».
وقيل : معنى الآية إن الحفظة يكتبون جميع أعمال بني آدم وأقوالهم فيمحو الله من ديوان الحفظة ما ليس فيه ثواب ولا عقاب. مثل قوله : أكلت شربت دخلت خرجت ونحوها من كلام هو صادق فيه
__________________
[١٢١١] ـ تقدم في تفسير سورة آل عمران عند آية ٦.
[١٢١٢] ـ إسناده ضعيف لضعف زيادة بن محمد ، والمتن منكر.
ـ وأخرجه الطبري ٢٠٥٠٢ والبزار ٣٢٥٣ «كشف» من طريق الليث به.
ـ وذكره الهيثمي في «المجمع» ١٠ / ١٥٤ وقال : وفيه زيادة بن محمد الأنصاري ، وهو منكر الحديث.
ـ قلت : وساقه الذهبي في ترجمة زيادة بأتم منه وقال : فهذه ألفاظ منكرة ، لم يأت بها غير زيادة. انظر «الميزان» ٢ / ٩٨.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «أو».
(٣) في المخطوط «ابن عمر وابن عباس» وليس بشيء ، والوارد عن ابن عباس خلافه ، انظر «الدر المنثور» ٤ / ١٢٣ ـ ١٢٤.
(٤) في المطبوع و ـ ط «فتمد».
(٥) زيادة عن المخطوط.