ويثبت ما فيه ثواب وعقاب ، هذا قول الضحاك والكلبي. وقال الكلبي : يكتب القول كله حتى إذا كان يوم الخميس طرح منه كل شيء ليس فيه ثواب ولا عقاب.
وقال عطية عن ابن عباس : هو الرجل يعمل بطاعة الله عزوجل ثم يعود لمعصية الله فيموت على ضلالة فهو الذي يمحو والذي يثبت الرجل يعمل بطاعة الله فيموت وهو في طاعة الله عزوجل فهو الذي يثبت.
وقال الحسن : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) أي من جاء أجله يذهب به ويثبت من لم يجئ أجله إلى يوم أجله.
وعن سعيد بن جبير قال : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) من ذنوب العباد فيغفرها ويثبت ما يشاء فلا يغفرها.
وقال عكرمة : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) من الذنوب بالتوبة ويثبت بدل الذنوب حسنات ، كما قال الله تعالى : (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) [الفرقان : ٧٠]. وقال السدي : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) يعني القمر (وَيُثْبِتُ) يعني الشمس بيانه قوله تعالى : (فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً) [الإسراء : ١٢] وقال الربيع : هذا في الأرواح يقبضها الله عند النوم فمن أراد موته محاه فأمسكه ومن أراد بقاءه أثبته ورده إلى صاحبه ، بيانه قوله عزوجل : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) [الزمر : ٤٢] الآية. (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) ، أي : أصل الكتاب وهو اللوح المحفوظ الذي لا يبدل ولا يغير.
وقال عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما : هما كتابان : كتاب سوى أم الكتاب يمحو منه ما يشاء ويثبت ، وأم الكتاب الذي لا يغير منه شيء.
وعن عطاء عن ابن عباس قال : إن لله تعالى لوحا محفوظا مسيرة خمسمائة عام من درة بيضاء لها دفتان من ياقوت لله في كل يوم فيه ثلاثمائة وستون لحظة (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) (٣٩).
وسأل ابن عباس كعبا عن أم الكتاب فقال : علم الله ما هو خالق وما خلقه عاملون.
(وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (٤٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤١) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (٤٣))
(وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) ، من العذاب قبل وفاتك ، (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) ، قبل ذلك ، (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) ، ليس عليك إلا ذلك ، (وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) ، الجزاء يوم القيامة.
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا) يعني : أهل مكة الذين يسألون محمدا صلىاللهعليهوسلم الآيات ، (أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) ، أكثر المفسرين على أن المراد منه فتح ديار (١) الشرك ، فإن ما زاد في ديار الإسلام فقد نقص من ديار الشرك ، يقول : «أولم يروا أنا نأتي الأرض [نقصدها](٢) ننقصها من أطرافها» فنفتحها لمحمد أرضا
__________________
(١) هذه الكلمة تكررت في المخطوط «دار».
(٢) سقط من المطبوع.