(وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ، أي [و](١) أعتزل ما تعبدون من دون الله. قال مقاتل : كان اعتزاله إيّاهم أنه فارقهم من كوثى ، فهاجر منها إلى الأرض المقدسة ، (وَأَدْعُوا رَبِّي) ، أي أعبد ربي ، (عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا) ، أي عسى أن لا أشقى بدعائه وعبادته ، كما (٢) تشقون بعبادة الأصنام. وقيل : عسى أن يجيبني إذا دعوته ولا يجيبني.
(فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ، فذهب مهاجرا [(وَهَبْنا لَهُ) بعد الهجرة (إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) آنسنا وحشته من فراقهم وأقررنا عينه بأولاد كرام على الله عزوجل (وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا) يعني إسحاق ويعقوب](٣).
(وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا) أي : نعمتنا. قال الكلبي : المال والولد ، وهو قول الأكثرين ، قالوا معناه : ما بسط لهم في الدنيا من سعة الرزق. وقيل الكتاب والنبوّة ، (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) ، يعني ثناء حسنا رفيعا في كل أهل الأديان ، فكلهم يتولونهم ويثنون عليهم.
قوله عزوجل : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً) ، غير مراء أخلص العبادة والطاعة لله عزوجل. قرأ أهل الكوفة «مخلصا» بفتح اللام أي مختارا اختاره الله عزوجل. وقيل : أخلصه الله من الدنس. (وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا).
(وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ) ، يعني يمين موسى ، والطور : جبل بين مصر ومدين. ويقال اسمه الزبير ، وذلك حين أقبل من مدين ورأى النار «فنودي يا موسى إني إنا الله رب العالمين». (وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) ، أي : مناجيا ، فالنجي المناجي ، كما يقال : جليس ونديم. قال ابن عباس : معناه قربه فكلمه ، ومعنى التقريب إسماعه كلامه. وقيل : رفعه على الحجب حتى سمع صرير القلم.
(وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (٥٣) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥٤) وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا (٥٧))
(وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) (٥٣) وذلك حين دعا موسى فقال : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي) (٣٠) [طه : ٢٩ ، ٣٠] ، فأجاب الله دعاءه وأرسل إلى هارون ، ولذلك سماه هبة له.
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ) ، وهو إسماعيل بن إبراهيم جد النبي صلىاللهعليهوسلم (إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ) ، قال مجاهد : لم يعد شيئا إلّا وفّى به.
وقال مقاتل : وعد رجلا أن يقيم مكانه حتى يرجع إليه الرجل ، فأقام إسماعيل مكانه ثلاثة أيام للميعاد (٤) حتى رجع إليه الرجل.
وقال الكلبي : انتظره حتى حال عليه الحول (وَكانَ رَسُولاً) ، إلى جرهم ، (نَبِيًّا) ، مخبرا عن الله عزوجل.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيد في المطبوع «أنتم».
(٣) زيادة عن المخطوط و ـ ط.
(٤) في المخطوط «في الميعاد».