بالشام طوله عشرون ومائة ذراع في السماء وصنف منهم عرضه وطوله سواء عشرون ومائة ذراع في السماء ، وهؤلاء لا يقوم لهم جبل ولا حديد ، وصنف منهم يفترش أحدهم أذنه (١) ويلتحف الأخرى لا يمرون بفيل ولا وحش ولا خنزير (٢) إلا أكلوه ، ومن مات منهم أكلوه ، مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان ، يشربون أنهار المشرق (٣) وبحيرة طبرية» وعن علي أنه قال : منهم من طوله شبر ، ومنهم من هو مفرط في الطول. وقال كعب : هم نادرة [في](٤) ولد آدم وذلك أن آدم احتلم (٥) ذات يوم وامتزجت نطفته بالتراب ، فخلق الله من ذلك الماء يأجوج ومأجوج فهم يتصلون بنا من جهة الأب دون الأم.
وذكر وهب بن منبه : أن ذا القرنين كان رجلا من الروم ابن عجوز ، فلما بلغ كان عبدا صالحا.
قال الله له : إني باعثك إلى أمم مختلفة ألسنتهم ، منهم أمتان بينهما طول الأرض إحداهما عند مغرب الشمس ، يقال لها ناسك ، والأخرى عند مطلعها ، يقال لها منسك ، وأمتان بينهما عرض الأرض إحداهما في القطر الأيمن يقال لها هاويل ، والأخرى في قطر الأرض الأيسر يقال لها تاويل ، وأمم في وسط الأرض منهم الجن والإنس ويأجوج ومأجوج ، فقال ذو القرنين : يا رب بأي قوة أكابرهم وبأي جمع أكاثرهم وبأي لسان أناطقهم؟ قال الله عزوجل : إني سأقويك وأبسط لك لسانك وأشد عضدك فلا يهولنّك شيء ، وألبسك الهيبة فلا يروعك شيء ، وأسخر لك النور والظلمة وأجعلهما من جنودك ، يهديك النور من أمامك وتحوطك الظلمة من ورائك ، فانطلق ، حتى أتى مغرب الشمس فوجد جمعا وعددا لا يحصبه إلا الله.
فكابرهم بالظلمة حتى جمعهم في مكان واحد ، فدعاهم إلى الله وعبادته ، فمنهم من آمن به ومنهم من صدّ عنه ، فعمد إلى الذين تولوا عنه فأدخل عليهم الظلمة فدخلت في أجوافهم وبيوتهم فدخلوا في دعوته ، فجنّد من أهل المغرب جندا عظيما فانطلق يقودهم والظلمة تسوقهم حتى أتى هاويل (٦) فعمل فيهم كعمله في ناسك ، ثم مضى حتى انتهى إلى منسك عند مطلع الشمس ، فعمل فيها وجنّد [منها](٧) جنودا كفعله في الأمتين ، ثم أخذ ناحية الأرض اليسرى فأتى تاويل فعمل فيها كعمله [فيما قبلها](٨) ، ثم عمد إلى الأمم التي في وسط الأرض.
فلما كان (٩) مما يلي منقطع الترك نحو المشرق قالت له أمة صالحة من الإنس : يا ذا القرنين إن بين
__________________
(١) في المخطوط «إحدى أذنيه» والمثبت عن المطبوع وكتب الحديث.
(٢) زيد في المطبوع وحده «ولا كلب».
(٣) في المطبوع «المشارق» وفي المخطوط «الشرق» والمثبت عن كتب التخريج.
(٤) زيادة عن المخطوط و ـ ط.
(٥) هذا الخبر من إسرائيليات كعب الأحبار ، وهو كعب بن ماتع الحميري اليمني ، فقد أظهر إسلامه ، إلّا أنه بقي على سرد أخبار الماضين من كتب كانت عنده ، والأولى به أن ينكبّ على دراسة القرآن وحديث النبي صلىاللهعليهوسلم بدل ذلك ، والله الموفق للصواب.
(٦) في المطبوع وحده «هويل» وتكررت هكذا في مواضع.
(٧) في المطبوع «فيها».
(٨) سقط من المطبوع.
(٩) في المطبوع و ـ ط «دنا» والمثبت عن المخطوطتين.