عن بقية بن الوليد حدثني أرطأة بن المنذر قال : سمعت رجلا من مشيخة الجند يقال [له](١) أبو الحجاج يقول : جلست إلى أبي أمامة فقال : إن المؤمن ليكون متكأ على أريكته إذا دخل الجنة وعنده سماطان من خدم وعند طرف السماطين باب مبوب فيقبل الملك من ملائكة الله يستأذن فيقوم أدنى الخدم إلى الباب فإذا هو بالملك يستأذن فيقول للذي يليه [هذا](٢) ملك يستأذن ويقول الذي يليه (٣) للذي يليه : ملك يستأذن كذلك حتى يبلغ المؤمن ، فيقول : ائذنوا له ، فيقول أقربهم إلى المؤمن : ائذنوا له ، ويقول الذي يليه للذي يليه : ائذنوا له كذلك حتى يبلغ أقصاهم الذي عند الباب ، فيفتح له فيدخل فيسلم ثم ينصرف.
(وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) ، هذا في الكفار. (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) ، أي : يؤمنون ببعض الأنبياء ويكفرون ببعض. وقيل : يقطعون الرحم ، (وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) ، أي : يعملون بالمعاصي ، (أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) ، يعني : النار ، وقيل : سوء المنقلب لأن منقلب الناس دورهم.
(اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ مَتاعٌ (٢٦) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ (٢٧) الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨))
قوله تعالى : (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) ، أي : يوسع على من يشاء ويضيق على من يشاء ، (وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا) ، يعني : مشركي مكة أشروا وبطروا ، والفرح لذة في القلب بنيل المشتهى ، وفيه دليل على أن الفرح بالدنيا حرام. (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ) أي : قليل ذاهب. قال الكلبي : كمثل السكرجة والقصعة والقدح والقدر ينتفع بها ثم تذهب.
(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، من أهل مكة ، (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ) أي : يهدي إليه من يشاء بالإنابة. وقيل : يرشد إلى دينه من رجع (٤) إليه بقلبه.
(الَّذِينَ آمَنُوا) ، في محل نصب بدلا (٥) من قوله : (مَنْ أَنابَ) ، (وَتَطْمَئِنُ) ، تسكن ، (قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ) ، قال مقاتل : بالقرآن ، والسكون يكون باليقين ، والاضطراب يكون بالشك ، (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) ، تسكن قلوب المؤمنين ويستقر فيها اليقين.
قال ابن عباس : هذا في الحلف ، يقول : إذا حلف المسلم بالله على شيء تسكن قلوب المؤمنين إليه ، فإن قيل : أليس قد قال الله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) [الأنفال : ٢] ، فكيف تكون الطمأنينة والوجل في حالة واحدة؟.
قيل : الوجل عند ذكر الوعيد والعقاب والطمأنينة عند ذكر الوعد والثواب ، فالقلوب توجل إذا ذكرت عدل (٦) الله وشدة حسابه ، وتطمئن إذا ذكرت فضل الله وكرمه.
(الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (٢٩) كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ
__________________
(١) زيادة عن كتب التخريج.
(٢) زيادة عن كتب التخريج.
(٣) في المطبوع «بينه».
(٤) في المطبوع «يرجع».
(٥) في المطبوع «النصب بدل».
(٦) تصحف في المطبوع «عبد».