ريان. وقال الأوزاعي : يثور. وقال السدي : يور. وقال كعب : صهبا. وقال خالد بن معدان ليس في الجنة شيء من الدواب سوى كلب أصحاب الكهف وحمار بلعام. قوله : (بِالْوَصِيدِ) [قال مجاهد والضحاك : الوصيد فناء الكهف. وقال عطاء](١) : عتبة الباب. وقال السدي : الوصيد الباب ، وهو رواية عكرمة عن ابن عباس ، فإن قيل : لم يكن للكهف باب ولا عتبة؟ قيل : معناه موضع الباب والعتبة كان الكلب قد بسط ذراعيه وجعل وجهه عليهم. قال السدي : كان أصحاب الكهف إذا انقلبوا انقلب الكلب معهم وإذا انقلبوا إلى اليمين كسر الكلب إذنه اليمنى ورقد عليها ، وإذا انقلبوا إلى الشمال كسر أذنه اليسرى ورقد عليها. (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ) ، يا محمد ، (لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً) ، لما ألبسهم الله من الهيبة حتى لا يصل إليهم أحد حتى يبلغ الكتاب أجله فيوقظهم الله تعالى من رقدتهم ، (وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) ، خوفا ، قرأ أهل الحجاز بتشديد اللام والآخرون بتخفيفها واختلفوا في أن الرعب كان لما ذا؟ قيل : من وحشة المكان. وقال الكلبي : لأن أعينهم كانت مفتحة كالمستيقظ الذي يريد أن يتكلم ، وهم نيام ، وقيل : لكثرة شعورهم وطول أظفارهم وتقلبهم من غير حس ولا شعور. وقيل : إن الله تعالى منعهم بالرعب لئلا يراهم أحد ، وروي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : غزونا مع معاوية نحو الروم فمررنا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف ، فقال معاوية : لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم (٢). فقال ابن عباس رضي الله عنهم : لقد منع ذلك من هو خير منك ، فقال (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً) فبعث معاوية ناسا فقال : اذهبوا فانظروا فلما دخلوا الكهف بعث الله عليهم ريحا فأخرجتهم (٣)(٤).
(وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً (١٩) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً (٢٠))
قوله تعالى : (وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ) ، أي : كما أنمناهم في الكهف وحفظنا أجسادهم من البلى على طول الزمان فكذلك بعثناهم من النومة التي تشبه الموت ، (لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ) ، ليسأل بعضهم بعضا واللام فيه لام العاقبة لأنهم لم يبعثوا للسؤال ، (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ) ، وهو رئيسهم مكسلمينا ، (كَمْ لَبِثْتُمْ) ، في نومكم وذلك أنهم استنكروا طول نومهم. ويقال : إنهم راعهم ما فاتهم من الصلاة فقالوا ذلك ، (قالُوا لَبِثْنا يَوْماً) ، وذلك أنهم دخلوا الكهف غدوة (٥) فانتبهوا (٦) عشية فقالوا لبثنا يوما ثم نظروا وقد بقيت من الشمس بقية ، فقالوا : (أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) ، فلما نظروا إلى [طول](٧) شعورهم وأظفارهم علموا أنهم لبثوا أكثر من يوم ، (قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ) ، وقيل : إن رئيسهم مكسلمينا لما سمع الاختلاف بينهم قال :
__________________
(١) سقط من المخطوط.
(٢) كذا في المطبوع و ـ ط ، وفي المخطوط «عليهما».
(٣) في المطبوع «فأحرقتهم».
(٤) عزاه الحافظ في «تخريج الكشاف» ٢ / ٧٠٩ لابن أبي حاتم وعبيد بن محمد ، وأبي بكر بن أبي شيبة من رواية يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وقال : وإسناده صحيح.
(٥) زيد في المطبوع «فقالوا».
(٦) زيد في المطبوع و ـ ط «حين انتبهوا».
(٧) زيادة عن المخطوط.