إليه يسركم ورفقكم. قرأ أبو جعفر ونافع وابن عامر (مِرْفَقاً) بفتح الميم وكسر الفاء ، وقرأ الآخرون بكسر الميم وفتح الفاء ، ومعناهما واحد ، وهو ما يرتفق (١) به الإنسان.
قوله تعالى : (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ) ، قرأ ابن عامر ويعقوب بسكون الزاي وتشديد الراء على وزن تحمر ، وقرأ أهل الكوفة بفتح الزاي خفيفة وألف بعدها ، وقرأ الآخرون بتشديد الزاي ، وكلها بمعنى واحد ، أي : تميل وتعدل ، (عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ) أي : جانب اليمين ، (وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ) ، أي : تتركهم وتعدل عنهم ، (ذاتَ الشِّمالِ) ، وأصل القرض القطع ، (وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ) أي : متسع من الكهف وجمعها فجوات ، قال ابن قتيبة : كان كهفهم مستقبل بنات نعش ، لا تقع فيه الشمس عند الطلوع ولا عند الغروب و [لا](٢) فيما بين ذلك ، قال : اختار الله لهم مضطجعا في مقناة لا تدخل عليهم الشمس فتؤذيهم بحرها وتغير ألوانهم وهم في متسع ينالهم برد الريح ونسيمها ويدفع عنهم كرب الغار وغمومه. وقال بعضهم : هذا القول خطأ وهو أن الكهف كان مستقبل بنات نعش فكانت الشمس لا تقع عليهم ولكن الله صرف الشمس عنهم بقدرته وحال بينها وبينهم ، ألا ترى أنه قال : (ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ) ، من عجائب صنع الله ودلالات قدرته التي يعتبر بها ، (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ) ، أي : من يضلله الله ولم يرشده ، (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا) ، معينا ، (مُرْشِداً).
(وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً (١٨))
قوله تعالى : (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً) أي : منتبهين جمع يقظ ، (وَهُمْ رُقُودٌ) ، نيام (٣) جمع راقد مثل قاعد وقعود وإنما اشتبه حالهم لأنهم كانوا مفتحة أعينهم يتنفسون ولا يتكلمون ، (وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ) ، مرة للجنب الأيمن ومرة للجنب الأيسر. قال ابن عباس : كانوا يقلبون في السنة مرة من جانب إلى جنب لئلا تأكل الأرض لحومهم. وقيل كان يوم عاشوراء يوم تقلبهم. وقال أبو هريرة : كان لهم في كل سنة تقلبان ، (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ) ، أكثر أهل التفسير على أنه كان من جنس الكلاب. وروي عن ابن جريج : أنه كان أسدا وسمي الأسد كلبا.
[١٣٤٧] فإن النبي صلىاللهعليهوسلم دعا على عتبة بن أبي لهب فقال : «اللهم سلط عليه كلبا من كلابك» ، فافترسه أسد ، والأول المعروف ، قال ابن عباس : كان كلبا أغر (٤). ويروى عنه [أنه](٥) فوق القلطي ودون الكردي (٦) ، والقلطي كلب صيني. وقال مقاتل : كان أصفر. وقال القرظي : كانت شدة صفرته تضرب إلى الحمرة. وقال الكلبي : لونه كالخليج. وقيل : لون الحجر. قال ابن عباس : اسمه قطمير. وعن علي : اسمه
__________________
[١٣٤٧] ـ أخرجه أبو نعيم في «الدلائل» ٣٨١ من طريق ابن إسحاق عن عثمان بن عروة عن جماعة من أهل بيته.
ـ وكرره ٣٨٠ عن هبار بن الأسود ، وهذا مرسل.
ـ وأخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» ٣٠٢١ وأبو نعيم ٣٨٣ عن طاوس مرسلا بنحوه فهذه المراسيل تتأيد بمجموعها ، وسيأتي.
(١) في المخطوط «ما يرفق».
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) تصحف في المطبوع «ينام».
(٤) في المخطوط «أنمر».
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) في المطبوع «الكرزي».