أنّ الكذب هو رأس الفساد ، بل يقدمه لنا على أنّه صفة النّفس الكافرة ، من حيث كان متنافرا مع الإيمان «الأخلاقي». يقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم من حديث عن أبي هريرة : «لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن» (١).
فهو ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يمد هذا التّنافر إلى جميع الكبائر ، والمحرمات الرّئيسية ، وعلى الأقل في لحظة ارتكابها ، ففي هذه اللحظة يؤكد الرّسول أنّ الإيمان يخرج من أعماق القلب ، فلا يبقى منه لدى المجرم ، أو الفاسق سوى فكرة غائمة ، كأنّها ظل يحوّم فوق رأسه : «إذا زنى الرّجل خرج منه الإيمان ، وكان على رأسه كالظّلّة ، فإذا نزع عاد إليه الإيمان» (٢). ولكن لا داعي للإكثار من نصوص السّنّة ، فإنّها تمضي بنا بعيدا ، ولنعد إلى نصّ القرآن.
٣ ـ السّلوك ، والقدرات العقلية : ليس يكفي أن يقال : إنّ الخير «يطهر» القلب ، ويقوي الإرادة الطّيبة ، ويدعمها ، وإنّ الشّر «يفسد» النّفس ، ويدنسها ، ذلك أنّ أثرهما يذهب إلى ما هو أبعد ، بما لهما من إنعكاسات ، وأصداء ، حتّى في
__________________
(١) انظر ، صحيح البخاري : ٢ / ٨٧٥ ح ٢٣٤٣ و : ٥ / ٢١٢٠ ح ٥٢٥٦ و : ٦ / ٢٤٨٧ ح ٦٣٩٠ وص : ٢٤٨٩ ح ٦٤٠٠ وص : ٢٤٩٧ ح ٦٤٢٤ ، الخصال للشيخ الصّدوق : ٦٠٨ ، مجمع الزّوائد : ١ / ١٠٠ ، صحيح ابن حبان : ١ / ٤١٤ ح ١٨٦ ، سنن التّرمذي : ٥ / ١٥ ح ٢٦٢٥ ، تحف العقول : ٢٤١ ، سنن الدّارمي : ٢ / ١٥٦ ح ٢١٠٦ ، سنن أبي داود : ٤ / ٢٢١ ح ٤٦٨٩ ، السّنن الكبرى : ٣ / ٣٢٧ ح ٥١٦٩ ، تهذيب الأحكام : ٦ / ٣٧١ ، المعجم الأوسط : ١ / ١٧٥ ح ٥٣٤ ، مسند أحمد : ٢ / ٢٤٣ ح ٧٣١٦ ، صحيح مسلم : ١ / ٧٦ ح ٥٧ ، وسائل الشّيعة : ١٧ / ١٦٩.
(٢) انظر ، سنن التّرمذي : ٥ / ١٥ ح ٢٦٢٥ ، ذكره ابن الرّبيع الشّيباني في التّيسير ، كتاب اللواحق ، باب ١ ، كشف الخفاء : ١ / ٩٥ ح ٢٤٣ ، الفردوس بمأثور الخطاب : ١ / ٢٩٣ ح ١١٥٢ ، تحفة الأحوذي : ٧ / ٣١٥ ، فيض القدير : ١ / ٣٦٧.