الّتي يملكها. فمن ذا الّذي يستطيع أن يضيف إلى ذلك ، أن يقتطع منه شيئا دون أن يخطىء بالزيادة أو بالنقص؟.
إننا حتّى الآن قد أرسينا بين المشرّع ، والإنسان العامل نوعا من التّعاقد ، يقدم كلّ منهما بموجبه جزءا من تحديد الواجب الحسي. وإشتراك الفرد في السّلطة التّشريعية يتمثل إذن على أنّه نوع من التّعاون ، أساسه تقسيم العمل ، وهو تعاون يتكامل فيه الجانبان دون أن يتداخلا ، وبحيث يبقى الشّريكان مستقلين ، أحدهما عن الآخر ، فلا يلتقيان إلّا في منتصف الطّريق.
وهناك في الواقع ما هو أكثر ، وأفضل ، فحين نلتحم بالقانون المقدس يتمثله ضميرنا ، ويحميه ، ويجعله نفسه ، حتّى كأنّما كان يسهم في خلق الحقائق الأزلية ، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى ، إننا بتركيبنا لمختلف القواعد المقررة ، وضبطها على موقفنا ـ لا نفعل ذلك في غيبة المولى ، بل تحت سلطانه ، ورعايته ، ورقابته.
فنحن نستلهمه دائما ، كما لو كان يواصل في أعماقنا دوره كمشرّع ، حتّى في أدق التّفاصيل. وبذلك نستطيع القول بأنّه ليس بين العامل ، وواضع الشّرع «مشاركة» فقط ، بل إتحاد ، أو قلّ : هو «إندماج» بين إرادتين.
فأية فلسفة من الفلسفات الأرضية ، إستطاعت أن تحدث هذه المصالحة الوثيقة بين مطالب متعارضه على وجه الإطلاق؟.
إنّه لن يفي بهذه المهمة ـ في رأينا ـ سوى الأخلاق الدّينية ، وهو ما نهضت به بحق ـ الأخلاق القرآنية ، على وجه الكمال.