يريد ، دون أن يقصد إلى أية غاية. ومن عباراتهم في ذلك : «إنّ الله لا يفعل
شيئا لأجل شيء ، ولا بشيء ، وإنّما أقترن هذا بهذا لإرادته لكليهما ، وهو يفعل
أحدهما مع صاحبه ، لا به ، ولا لأجله ، لأنّه خالق كلّ شيء ومليكه» .
ونقول نحن :
ليكن هذا ، ولكن أليس الأشاعرة مضطرين ـ على الرّغم من هذه الإرادية الّتي لا
تتقيد بغاية ، وليس لها ما يقابلها أو يوازيها ـ إلى أن يعترفوا بأنّ مجال الإرادة
والوجود أكثر تقييدا من مجال الإمكان ، والقدرة المطلقة؟. لا شيء حينئذ سوف يحول
دون أن يتفق ما يبدعه الله ، أو ما يأمر به ، مع مقتضيات العدالة ، والخير ، ولو
أنّه لن يكون محدودا بهما .
أمّا فيما يتعلق
بهذه الحالة الّتي تشغلنا فلسوف يرضينا لو استطاعوا أن يؤكدوا لنا أنّ الله سبحانه
لا يكلف النّاس إلّا وسع قدراتهم ، وهو تكليف ، إن لم يكن بالشرع ، فليكن على
الأقل بالواقع ، وتبعا لعرف دائم لا يقبل التّغير.
لقد فهم أكثر
الأشاعرة تعقلا هذا المعنى ، ولكن الآخرين استهواهم المضي في المراء ، فجذبهم إلى
بعيد. لقد أجهدوا أنفسهم ليجدوا وسيلة بارعة لإثبات فكرة التّكليف بالمحال في ذاته
، لا من حيث هو حقّ القدرة الإلهية فحسب ، ولكن بإعتباره واقعا قد حدث فعلا. ثمّ
نجدهم يدعون في جرأة نموذجية أنّ لديهم على ذلك أمثلة مادية في القرآن نفسه ،
وإليك لقطتهم الثّمينة.
__________________