(وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (٣) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (٤) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (٥) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (٦) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (٧) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا) (٨)
٣ ـ (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) عظمته ، يقال جدّ فلان في عيني أي عظم ، ومنه قول عمر أو أنس : كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا ، أي عظم في عيوننا (١) (مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً) زوجة (وَلا وَلَداً) كما يقول كفار الجنّ والإنس.
٤ ـ (وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا) جاهلنا أو إبليس إذ ليس فوقه سفيه (عَلَى اللهِ شَطَطاً) كفرا ، لبعده عن الصواب ، من شطت الدار أي بعدت ، أو قولا يجوز فيه عن الحقّ ، وهو نسبة الصاحبة والولد إليه ، والشطط مجاوزة الحدّ في الظلم وغيره.
٥ ـ (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً) قولا كذبا ، أي (٢) مكذوبا فيه ، أو نصب على المصدر إذ الكذب نوع من القول ، أي كان في ظننا أنّ أحدا لن يكذب على الله بنسبة الصاحبة والولد إليه ، فكنا نصدّقهم فيما أضافوا إليه حتى تبين لنا بالقرآن كذبهم.
كان الرجل من العرب إذا نزل بمخوف (٣) من الأرض قال : أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه ، يريد كبير الجنّ ، فقال :
٦ ـ (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ) أي زاد الإنس الجنّ باستعاذتهم بهم (رَهَقاً) طغيانا وسفها وكبرا بأن قالوا : سدنا الجن والإنس ، أو فزاد الجنّ الإنس رهقا إثما لاستعاذتهم بهم ، وأصل الرّهق غشيان المحذور (٤).
٧ ـ (وَأَنَّهُمْ) وأنّ الجنّ (ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ) يا أهل مكة (أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً) بعد الموت ، أي أنّ الجنّ كانوا ينكرون البعث كإنكاركم ، ثم بسماع القرآن اهتدوا وأقروا بالبعث ، فهلّا أقررتم كما أقرّوا؟
٨ ـ (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ) طلبنا بلوغ السماء واستماع كلام (٥) أهلها ، واللمس
__________________
(١) سبق تخريجه في أواخر البقرة.
(٢) في (ظ) و (ز) أو.
(٣) مخوف من الأرض : طريق يخاف فيه ... لأن الطريق لا تخيف وإنما يخيف قاطعها (القاموس ٣ / ١٣٩).
(٤) في (ظ) و (ز) المحظور.
(٥) ليس في (ز) كلام.