(الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وَهُوَ حَسِيرٌ) (٤)
طبيب ، فيظهر منكم ما علم أنه يكون منكم ، فيجازيكم على عملكم لا على علمه بكم (أَيُّكُمْ) مبتدأ وخبره (أَحْسَنُ عَمَلاً) أي أخلصه وأصوبه ، فالخالص أن يكون لوجه الله ، والصواب أن يكون على السّنّة ، والمراد أنه أعطاكم الحياة التي تقدرون بها على العمل وسلّط عليكم الموت الذي هو داعيكم إلى اختيار العمل الحسن على القبيح فما وراءه إلا البعث والجزاء الذي لا بدّ منه. وقدّم الموت على الحياة لأنّ أقوى الناس داعيا إلى العمل من نصب موته بين عينيه ، فقدّم لأنه فيما يرجع إلى المسوق له الآية أهمّ ، ولمّا قدّم الموت الذي هو أثر صفة القهر على الحياة التي هي أثر اللطف قدّم صفة القهر على صفة اللطف بقوله (وَهُوَ الْعَزِيزُ) أي الغالب الذي لا يعجزه من أساء العمل (الْغَفُورُ) الستور الذي لا ييأس منه أهل الإساءة والزلل.
٣ ـ (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) مطابقة بعضها فوق بعض ، من طابق النعل إذا خصفها طبقا على طبق ، وهذا وصف بالمصدر ، أو على ذات طباق ، أو على طوبقت طباقا ، وقيل جمع طبق كجمل وجمال ، والخطاب في (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ) للرسول أو لكلّ مخاطب (مِنْ تَفاوُتٍ) تفوّت حمزة وعليّ ، ومعنى البناءين واحد كالتعاهد والتعهد أي من اختلاف واضطراب. وعن السّدّيّ من عيب ، وحقيق التفاوت عدم التناسب كأنّ بعض الشيء يفوت بعضا ولا يلائمه ، وهذه الجملة صفة لطباقا وأصلها ما ترى فيهن من تفاوت ، فوضع خلق الرحمن موضع الضمير تعظيما لخلقهنّ وتنبيها على سبب سلامتهن من التفاوت ، وهو أنه خلق الرحمن ، وأنه بباهر قدرته هو الذي يخلق مثل ذلك الخلق المتناسب (فَارْجِعِ الْبَصَرَ) ردّه إلى السماء حتى يصحّ عندك ما أخبرت به بالمعاينة فلا تبقى شبهة فيه (هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) صدوع وشقوق ، جمع فطر وهو الشّقّ.
٤ ـ (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) كرّر النظر مرتين أي كرّتين مع الأولى ، وقيل سوى الأولى ، فتكون ثلاث مرات ، وقيل لم يرد به (١) الاقتصار على مرتين بل أراد به التكرير بكثرة أي كرر نظرك ودقّقه هل ترى خللا أو عيبا ، وجواب الأمر (يَنْقَلِبْ) يرجع (إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً) ذليلا أو بعيدا مما تريد ، وهو حال من البصر (وَهُوَ
__________________
(١) ليس في (ظ) و (ز) به.