(إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ (٢٠) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١) لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٢٢)
الكرماني (١) : علامة استحواذ الشيطان على العبد أن يشغله بعمارة ظاهره من المآكل والمشارب والملابس ، ويشغل قلبه عن التفكر في آلاء الله ونعمائه والقيام بشكرها ، ويشغل لسانه عن ذكر ربّه بالكذب والغيبة والبهتان ، ويشغل قلبه (٢) عن التفكّر والمراقبة بتدبير الدنيا وجمعها (أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ) جنده (أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ).
٢٠ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) في جملة من هو أذلّ خلق الله تعالى لا ترى أحدا أذلّ منهم.
٢١ ـ (كَتَبَ اللهُ) في اللوح (لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) بالحجة والسيف ، أو بأحدهما (إِنَّ اللهَ قَوِيٌ) لا يمتنع عليه ما يريد (عَزِيزٌ) غالب غير مغلوب.
٢٢ ـ (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ) هو مفعول ثان لتجد ، أو حال ، أو صفة لقوما ، وتجد بمعنى تصادف على هذا (مَنْ حَادَّ اللهَ) خالفه وعاداه (وَرَسُولَهُ) أي من الممتنع أن تجد قوما مؤمنين يوالون المشركين ، والمراد أنه لا ينبغي أن يكون ذلك وحقّه أن يمتنع ولا يوجد بحال مبالغة (٣) في النهي عنه والزجر عن ملابسته والتوصية بالتصلب في مجانبة أعداء الله ومباعدتهم والاحتراز عن مخالطتهم ومعاشرتم ، وزاد ذلك تأكيدا وتشديدا بقوله (وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) وبقوله (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) أي أثبته فيها ، وبمقابلة قوله : أولئك حزب الشيطان بقوله : أولئك حزب الله (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) أي بكتاب أنزله فيه حياة لهم ، ويجوز أن يكون الضمير للإيمان أي بروح
__________________
(١) شاه الكرماني : هو عبد الرحمن بن محمد بن أميرويه ، أبو الفضل الكرماني ، فقيه حنفي انتهت إليه رئاسة المذهب بخراسان مولده بكرمان عام ٤٥٧ ه ووفاته بمرو عام ٥٤٣ ه (الأعلام ٣ / ٣٢٧).
(٢) في (ز) لبّه.
(٣) في (ظ) و (ز) مبالغة في الزجر عن مجانبة.