(إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئًا وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ١٩ هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ ٢٠ أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ) (٢١)
الجهّال ودينهم المبنيّ على هوى وبدعة ، وهم رؤساء قريش حين قالوا : ارجع إلى دين آبائك.
١٩ ـ (إِنَّهُمْ) إنّ هؤلاء الكافرين (لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) وهم موالوه ، وما أبين الفصل (١) بين الولايتين.
٢٠ ـ (هذا) أي القرآن (بَصائِرُ لِلنَّاسِ) جعل ما فيه من معالم الدين والشرائع بمنزلة البصائر في القلوب ، كما جعل روحا وحياة (وَهُدىً) من الضلالة (وَرَحْمَةٌ) من العذاب (لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) لمن آمن وأيقن بالبعث.
٢١ ـ (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ) أم منقطعة ، ومعنى الهمزة فيها إنكار الحسبان (اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ) اكتسبوا المعاصي والكفر ، ومنه الجوارح وفلان جارحة أهله أي كاسبهم (أَنْ نَجْعَلَهُمْ) أن نصيّرهم ، وهو من جعل المتعدّي إلى مفعولين ، فأولهما الضمير والثاني الكاف في (كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) والجملة التي هي (سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ) بدل من الكاف ، لأنّ الجملة تقع مفعولا ثانيا ، فكانت في حكم المفرد ، سواء عليّ وحمزة وحفص بالنصب على الحال من الضمير في نجعلهم ، ويرتفع محياهم ومماتهم بسواء ، وقرأ الأعمش ومماتهم بالنصب جعل محياهم ومماتهم ظرفين كمقدم الحاجّ ، أي سواء في محياهم وفي مماتهم ، والمعنى إنكار أن يستوي المسيئون والمحسنون محيا وأن يستووا مماتا لافتراق أحوالهم أحياء حيث عاش هؤلاء على القيام بالطاعات وأولئك على اقتراف السيئات ، ومماتا حيث مات هؤلاء على البشرى بالرحمة والكرامة وأولئك على اليأس من الرحمة والندامة ، وقيل معناه إنكار أن يستووا في الممات كما استووا في الحياة في الرزق والصحة ، وعن تميم الداري (٢) رضي الله عنه أنه كان يصلي ذات ليلة عند المقام فبلغ هذه الآية فجعل يبكي ويردد إلى الصباح ، وعن الفضيل أنه بلغها فجعل يرددها ويبكي ويقول : يا فضيل ليت شعري من
__________________
(١) في (ز) الفضل.
(٢) تميم الداري : هو تميم بن أوس بن خارجة الداري ، صحابي من لخم أسلم سنة ٩ ه كان أول من أسرج السراج بالمسجد توفي في فلسطين عام ٤٠ ه (الأعلام ٢ / ٨٧).