(لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٨) بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (٩) فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ (١٣) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ) (١٤)
٨ ـ (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ) أي هو ربّكم (وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) عطف عليه ، ثم ردّ أن يكونوا موقنين بقوله :
٩ ـ (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ) وإنّ إقرارهم غير صادر عن علم وتيقّن بل قول مخلوط بهزء ولعب ، ومفعول (١) :
١٠ ـ (فَارْتَقِبْ) فانتظر (يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ) يأتي من السماء قبل يوم القيامة يدخل في أسماع الكفرة حتى يكون رأس الواحد كالرأس الحنيذ (٢) ، ويعتري المؤمن منه كهيئة الزكام ، وتكون الأرض كلّها كبيت أوقد فيه ليس فيه خصاص (٣) ، وقيل : إن قريشا لما استعصت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم دعا عليهم فقال : (اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف) (٤) فأصابهم الجهد حتى أكلوا الجيف والعلهز (٥) ، وكان الرجل يرى بين السماء والأرض الدخان ، وكان يحدّث الرجل فيسمع كلامه ولا يراه من الدخان (مُبِينٍ) ظاهر حاله لا يشكّ أحد في أنه دخان.
١١ ـ ١٢ ـ (يَغْشَى النَّاسَ) يشملهم ويلبسهم ، وهو في محلّ الجر صفة لدخان ، وقوله (هذا عَذابٌ أَلِيمٌ. رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ) أي سنؤمن إن كشف (٦) عنا العذاب منصوب المحلّ بفعل مضمر وهو يقولون ، ويقولون منصوب المحلّ على الحال ، أي قائلين ذلك.
١٣ ـ ١٤ ـ (أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى) كيف يذكرون ويتعظون ويفون بما وعدوه من
__________________
(١) ليس في (ز) ومفعول.
(٢) الحنيذ : الشاة شواها وجعل فوقها حجارة محماة لتنضجها (القاموس ١ / ٣٥٢).
(٣) خصاص : البيت من القصب أو البيت يسقف بخشبة (القاموس ٢ / ٣٠١).
(٤) متفق عليه ورواه ابن حبان والبيهقي وأبو عوانة وابن خزيمة. ذكر في الأنبياء ، ٢١ / ١١٢.
(٥) العلهز : الوبر والدم.
(٦) في (ظ) و (ز) تكشف.