(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ (٤٥) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (٤٦) إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ) (٤٧)
ورسول عربي أو مرسل إليه عربي؟! الباقون بهمزة واحدة ممدودة مستفهمة ، والأعجميّ الذي لا يفصح ولا يفهم كلامه سواء كان من العجم أو العرب ، والعجميّ منسوب إلى أمة العجم فصيحا كان أو غير فصيح ، والمعنى أنّ آيات الله على أي طريقة جاءتهم وجدوا فيها متعنّتا لأنهم غير طالبين للحقّ وإنما يتبعون أهواءهم ، وفيه إشارة إلى أنه لو أنزله بلسان العجم لكان قرآنا فيكون دليلا لأبي حنيفة رضي الله عنه في جواز الصلاة إذا قرأ بالفارسية (قُلْ هُوَ) أي القرآن (لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً) إرشاد إلى الحقّ (وَشِفاءٌ) لما في الصدور من الشكّ ، إذ الشكّ مرض (وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ) في موضع الجرّ لكونه معطوفا على للذين آمنوا ، أي هو للذين آمنوا هدى وشفاء ، وهو للذين لا يؤمنون في آذانهم وقر ، أي صمم ، إلا أنّ فيه عطفا على عاملين وهو جائز عند الأخفش ، أو الرفع وتقديره والذين لا يؤمنون هو في آذانهم وقر على حذف المبتدأ ، أو في آذانهم منه وقر (وَهُوَ) أي القرآن (عَلَيْهِمْ عَمًى) ظلمة وشبهة (أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) يعني أنهم لعدم قبولهم وانتفاعهم كأنهم ينادون إلى الإيمان بالقرآن من حيث لا يسمعون لبعد المسافة ، وقيل ينادون في القيامة من مكان بعيد بأقبح الأسماء.
٤٥ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ) فقال بعضهم هو حقّ ، وقال بعضهم هو باطل ، كما اختلف قومك في كتابك (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) بتأخير العذاب (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) لأهلكهم ، إهلاك استئصال ، وقيل الكلمة السابقة هي العدة بالقيامة ، وأنّ الخصومات تفصل في ذلك اليوم ، ولو لا ذلك لقضى بينهم في الدنيا (وَإِنَّهُمْ) وإنّ الكفار (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) موقع للريبة (١).
٤٦ ـ (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ) فنفسه نفع (وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) فنفسه ضرّ (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) فيعذب غير المسيء.
٤٧ ـ (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ) أي علم قيامها يرد إليه ، أي يجب على
__________________
(١) في (ز) في الريبة.