(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ (٢٥) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٢٦) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ) (٢٧)
بين عيسى ومحمد عليهماالسلام فلم تخل تلك الأمم من نذير ، وحين اندرست آثار نذارة عيسى عليهالسلام بعث محمد عليهالسلام (إِلَّا خَلا) مضى (فِيها نَذِيرٌ) يخوّفهم وخامة الطغيان وسوء عاقبة الكفران ، واكتفي بالنذير عن البشير في آخر الآية بعد (١) ذكرهما لأنّ النذارة مشفوعة بالبشارة ، فدل ذكر النذارة على ذكر البشارة.
٢٥ ـ (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) رسلهم (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ) حال وقد مضمرة (بِالْبَيِّناتِ) بالمعجزات (وَبِالزُّبُرِ) وبالصحف (وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) أي التوراة والإنجيل والزبور ، ولما كانت هذه الأشياء في جنسهم أسند المجيء بها إليهم إسنادا مطلقا وإن كان بعضها في جميعهم وهي البينات ، وبعضها في بعضهم وهي الزبر والكتاب ، وفيه مسلاة لرسول اللهصلىاللهعليهوسلم.
٢٦ ـ (ثُمَّ أَخَذْتُ) عاقبت (الَّذِينَ كَفَرُوا) بأنواع العقوبة (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) إنكاري عليهم وتعذيبي لهم.
٢٧ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ) بالماء (ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها) أجناسها من الرمان والتفاح والتين والعنب ، وغيرها مما لا يحصر ، أو هيئاتها من الحمرة والصفرة والخضرة ونحوها (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ) طرق مختلفة اللون ، جمع جدّة كمدّة ومدد (بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ) جمع غربيب ، وهو تأكيد للأسود يقال أسود غربيب ، وهو الذي أبعد في السواد وأغرب فيه ، ومنه الغراب ، وكان من حقّ التأكيد أن يتبع المؤكد كقولك أصفر فاقع إلا أنه أضمر المؤكّد قبله ، والذي بعده تفسير للمضمر ، وإنما يفعل ذلك لزيادة التوكيد حيث يدلّ على المعنى الواحد من طريقي الإظهار والإضمار جميعا ، ولا بد من تقدير حذف المضاف في قوله ومن الجبال جدد ، أي ومن الجبال ذو جدد بيض وحمر وسود حتى يؤول إلى قولك ومن الجبال مختلف ألوانه ، كما قال ثمرات مختلفا ألوانها.
__________________
(١) في (ز) بعد ما.