(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤) يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٥) إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (٦) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) (٧)
٤ ـ (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) نعى به على قريش سوء تلقّيهم لآيات الله وتكذيبهم بها ، وسلى رسوله بأنّ له في الأنبياء قبله إسوة ، ولهذا نكّر رسل ذو عدد كثير (١) ، وأولو آيات ونذر ، وأهل أعمار طوال ، وأصحاب صبر وعزم ، لأنه أسلى له ، وتقدير الكلام وإن يكذّبوك فتأسّ بتكذيب الرسل من قبلك ، لأنّ الجزاء يتعقب الشرط ، ولو أجري على الظاهر يكون سابقا عليه ، فوضع فقد كذبت رسل من قبلك موضع فتأسّ استغناء بالسبب عن المسبّب ، أي بالتكذيب عن التأسي (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) كلام يشتمل على الوعد والوعيد من رجوع الأمور إلى حكمه ومجازاة المكذّب والمكذّب بما يستحقانه ، ترجع بفتح التاء شامي وحمزة وعليّ ويعقوب وخلف وسهل.
٥ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ) بالبعث والجزاء (حَقٌ) كائن (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) فلا تخدعنّكم الدنيا ولا يذهلنّكم التمتع بها والتلذذ بمنافعها عن العمل للآخرة وطلب ما عند الله (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) أي الشيطان فإنه يمنّيكم الأمانيّ الكاذبة ويقول إنّ الله غني عن عبادتك وعن تعذيبك (٢).
٦ ـ (إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ) ظاهر العداوة فعل بأبيكم ما فعل ، وأنتم تعاملونه معاملة من لا علم له بحاله (٣) (فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) في عقائدكم وأفعالكم ، ولا يوجدنّ منكم إلّا ما يدلّ على معاداته في سرّكم وجهركم ، ثم لخص سرّ أمره وخطأ من اتبعه بأنّ غرضه الذي يؤمه في دعوة شيعته هو أن يوردهم مورد الهلاك بقوله (إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ) ثم كشف الغطاء فبنى الأمر كلّه على الإيمان وتركه فقال :
٧ ـ (الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) أي فمن أجابه حين دعاه فله عذاب شديد ،
__________________
(١) في (ز) ذوو عدد كبير.
(٢) في (ظ) و (ز) تكذيبك.
(٣) في (ظ) و (ز) بأحواله.