(ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢) يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (٣)
في الرأي ، وذلاقة في اللسان ، ومحبة في قلوب المؤمنين ، وما أشبه ذلك (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) قادر.
٢ ـ (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ) نكّر (١) الرحمة للإشاعة والإبهام ، كأنه قال من أية رحمة رزق أو مطر أو صحة أو غير ذلك (فَلا مُمْسِكَ لَها) فلا أحد يقدر على إمساكها وحبسها ، واستعير الفتح للإطلاق والإرسال ألا ترى إلى قوله (وَما يُمْسِكْ) يمنع ويحبس (فَلا مُرْسِلَ لَهُ) مطلق له (مِنْ بَعْدِهِ) من بعد إمساكه ، وأنّث الضمير الراجع إلى الاسم المتضمن معنى الشرط على معنى الرحمة ، ثم ذكره حملا على اللفظ المرجوع (٢) إليه ، إذ لا تأنيث فيه ، ولأنّ الأول فسّر بالرحمة فحسن اتّباع الضمير التفسير ، ولم يفسّر الثاني فترك على أصل التذكير ، وعن معاذ مرفوعا : (لا تزال يد الله مبسوطة على هذه الأمة ما لم يرفق خيارهم بشرارهم ويعظّم برهم فاجرهم وتعن قراؤهم أمراءهم على معصية الله فإذا فعلوا ذلك نزع الله يده عنهم) (٣) (وَهُوَ الْعَزِيزُ) الغالب القادر على الإرسال والإمساك (الْحَكِيمُ) الذي يرسل ويمسك ما تقتضي الحكمة إرساله وإمساكه.
٣ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا) باللسان والقلب (نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ) وهي التي تقدّمت من بسط الأرض كالمهاد ، ورفع السماء بلا عماد ، وإرسال الرسل لبيان السبيل ، دعوة إليه وزلفة لديه ، والزيادة في الخلق ، وفتح أبواب الرزق ، ثم نبه على رأس النّعم وهو اتحاد المنعم بقوله (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ) برفع غير على الوصف لأنّ خالق مبتدأ خبره محذوف أي لكم ، وبالجرّ عليّ وحمزة على الوصف لفظا (يَرْزُقُكُمْ) يجوز أن يكون مستأنفا ، ويجوز أن يكون صفة لخالق (مِنَ السَّماءِ) بالمطر (وَالْأَرْضِ) بأنواع النبات (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) جملة مفصولة لا محل لها (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) فمن أي (٤) وجه تصرفون عن التوحيد إلى الشرك.
__________________
(١) في (ظ) و (ز) نكرت.
(٢) في (ز) المرجع.
(٣) لم أجده.
(٤) في (ز) فبأي.