(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ (٨) وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ) (٩)
لأنه صار من حزبه أي أتباعه (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ولم يجيبوه ولم يصيروا من حزبه بل عادوه (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) لكبر جهادهم. ولما ذكر الفريقين قال لنبيه عليهالسلام :
٨ ـ (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً) بتزيين الشيطان كمن لم يزيّن له ، فكأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لا ، فقال : (فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ) وذكر الزّجّاج أنّ المعنى أفمن زيّن له سوء عمله ذهبت نفسك عليه حسرة فحذف الجواب لدلالة فلا تذهب نفسك عليه ، أو أفمن زيّن له سوء عمله كمن هداه الله فحذف لدلالة فإنّ الله يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء عليه ، فلا تذهب نفسك يزيد ، أي لا تهلكها ، حسرات مفعول له ، يعني فلا تهلك نفسك للحسرات ، وعليهم صلة تذهب كما تقول هلك عليه حبا ومات عليه حزنا ، ولا يجوز أن يتعلّق بحسرات لأن المصدر لا تتقدم عليه صلته (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ) وعيد لهم بالعقاب على سوء صنيعهم.
٩ ـ (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ) الريح مكي وحمزة وعليّ (فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ) بالتشديد مدني وحمزة وعليّ وحفص ، وبالتخفيف غيرهم (فَأَحْيَيْنا بِهِ) بالمطر لتقدّم ذكره ضمنا (الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) يبسها ، وإنما قيل فتثير لتحكي الحال التي تقع فيها إثارة الرياح السحاب وتستحضر تلك الصورة الدالة على القدرة الربانية ، وهكذا يفعلون بفعل فيه نوع تمييز وخصوصية بحال تستغرب ، وكذلك سوق السحاب إلى البلد الميّت وإحياء الأرض بالمطر بعد موتها لما كانا من الدلائل (١) على القدرة الباهرة ، قيل فسقنا وأحيينا معدولا بهما عن لفظ الغيبة إلى ما هو أدخل في الاختصاص وأدلّ عليه (كَذلِكَ النُّشُورُ) الكاف في محلّ الرفع ، أي مثل إحياء الموات نشور الأموات ، قيل يحيي الله الخلق بماء يرسله من تحت العرش كمنيّ الرجال تنبت منه أجساد الخلق.
__________________
(١) في (ظ) و (ز) لما كان من الدليل.