(ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ (١٧) وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ) (١٨)
عودا ، ووجه من نوّن الأكل وهو غير أبي عمرو أنّ أصله ذواتي أكل أكل خمط فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، أو وصف الأكل بالخمط كأنه قيل ذواتي أكل بشع ، ووجه أبي عمرو أنّ أكل الخمط في معنى البرير (١) ، فكأنه قيل ذواتي برير ، والأثل والسّدر معطوفان على أكل لا على خمط لأنّ الأثل لا أكل له ، وعن الحسن : قلّل السّدر لأنه أكرم ما بدّلوا ، لأنه يكون في الجنان.
١٧ ـ (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا) أي جزيناهم ذلك بكفرهم فهو مفعول ثان مقدم (وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) كوفي غير أبي بكر ، وهل يجازى إلا الكفور غيرهم ، يعني وهل نجازي مثل هذا الجزاء إلا من كفر النعمة ولم يشكرها ، أو كفر بالله ، أو هل نعاقب (٢) لأنّ الجزاء وإن كان عاما يستعمل في معنى المعاقبة وفي معنى الإثابة لكن المراد الخاص ، وهو العقاب ، وعن الضّحّاك كانوا في الفترة التي بين عيسى ومحمد عليهماالسلام.
١٨ ـ (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ) بين سبإ (وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها) بالتوسعة على أهلها في النّعم وهي قرى الشام (قُرىً ظاهِرَةً) متواصلة يرى بعضها من بعض لتقاربها ، فهي ظاهرة لأعين الناظرين ، وظاهرة للسابلة لم تبعد عن مسالكهم حتى لا تخفى عليهم (٣) ، وهي أربعة آلاف وسبعمائة قرية متصلة من سبإ إلى الشام (وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ) أي جعلنا هذه القرى على مقدار معلوم ، يقيل المسافر في قرية ويروح في أخرى إلى أن يبلغ الشام (سِيرُوا فِيها) وقلنا لهم سيروا ، ولا قول ثمة ، ولكنهم لما مكّنوا من السير وسوّيت (٤) أسبابه فكأنهم أمروا بذلك (لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ) أي سيروا فيها إن شئتم بالليل وإن شئتم بالنهار فإنّ الأمن فيها لا يختلف باختلاف الأوقات ، أو (٥) سيروا فيها آمنين لا تخافون عدوا ولا جوعا ولا عطشا وإن تطاولت مدة سفركم وامتدت أياما وليالي.
__________________
(١) زاد في (ز) وهو ثمر الأراك إذا كان غضا. وهو ترجمة من الصحاح لمعنى برير كتبت على هامش (أ) وليست في (ظ).
(٢) في (ظ) و (ز) يعاقب.
(٣) في (ظ) و (ز) حتى تخفى عليهم.
(٤) في (ظ) و (ز) وسويت لهم.
(٥) في (ز) أي.