(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً (٦٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (٧١) إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (٧٢)
٦٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا) ما مصدرية أو موصولة ، وأيهما كان فالمراد البراءة عن مضمون القول ومؤدّاه ، وهو الأمر المعيب وأذى موسى عليهالسلام هو حديث المومسة التي أرادها قارون على قذفه بنفسها ، أو اتهامهم إياه بقتل هارون ، فأحياه الله تعالى ، فأخبرهم ببراءة موسى عليهالسلام كما برأ نبينا عليهالسلام بقوله : ما كان محمد أبا أحد من رجالكم (وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) ذا جاه ومنزلة مستجاب الدعوة ، وقرأ ابن مسعود والأعمش : وكان عبد الله وجيها.
٧٠ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) صدقا وصوابا أو قاصدا إلى الحقّ. والسداد : القصد إلى الحقّ ، والقول بالعدل ، والمراد نهيهم عما خاضوا فيه من حديث زينب من غير قصد وعدل في القول ، والبعث على أن يسدّدوا قولهم في كلّ باب ، لأن حفظ اللسان وسداد القول رأس كلّ خير ، ولا تقف على سديدا لأنّ جواب الأمر قوله :
٧١ ـ (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ) يقبل طاعتكم ، أو يوفقكم لصالح العمل (وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) أي يمحها ، والمعنى راقبوا الله في حفظ ألسنتكم وتسديد قولكم ، فإنكم إن فعلتم ذلك أعطاكم ما هو غاية الطلبة من تقبّل حسناتكم والإثابة عليها ، ومن مغفرة سيئاتكم وتكفيرها. وهذه الآية مقررة للتي قبلها ، بنيت تلك على النهي عما يؤذي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهذه على الأمر باتقاء الله في حفظ اللسان ليترادف عليهم النهي والأمر مع إتباع النهي ما يتضمن الوعيد من قصة موسى عليهالسلام وإتباع الأمر الوعد البليغ فيقوى الصارف عن الأذى والداعي إلى تركه.
ولما علّق بالطاعة الفوز العظيم بقوله (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) أتبعه قوله :
٧٢ ـ (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ) وهو يريد بالأمانة الطاعة لله وبحمل الأمانة الخيانة ، يقال فلان حامل للأمانة ومحتمل لها أي لا يؤديها إلى صاحبها حتى تزول عن ذمته ، إذ الأمانة كأنها راكبة للمؤتمن عليها وهو حاملها ،