(إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (٦٤) خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٦٥) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (٦٦) وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (٦٧) رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) (٦٨)
به ، ثم بين لرسوله أنها قريبة الوقوع تهديدا للمستعجلين وإسكانا للممتحنين بقوله (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) شيئا قريبا ، أو لأن الساعة في معنى الزمان.
٦٤ ـ (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً) نارا شديدة الإيقاد (١).
٦٥ ـ (خالِدِينَ فِيها أَبَداً) هذا يرد مذهب الجهمية لأنهم يزعمون أنّ الجنة والنار تفنيان ، ولا وقف على سعيرا لأن قوله خالدين فيها حال عن الضمير في لهم (لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) ناصرا يمنعهم ، اذكر :
٦٦ ـ (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) تصرّف في الجهات كما ترى البضعة (٢) تدور في القدر إذا غلت ، وخصّت (٣) الوجوه لأنّ الوجه أكرم موضع على الإنسان من جسده ، أو يكون الوجه عبارة عن الجملة (يَقُولُونَ) حال (يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) فنتخلص من هذا العذاب ، فتمنوا حين لا ينفعهم التمني.
٦٧ ـ (وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا) جمع سيد. ساداتنا شامي وسهل ويعقوب جمع الجمع ، والمراد رؤساء الكفرة الذين لقّنوهم الكفر وزيّنوه لهم (وَكُبَراءَنا) ذوي الأسنان منا ، أو علماءنا (فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) يقال ضلّ السبيل وأضلّه إياه ، وزيادة الألف لإطلاق الصوت ، جعلت فواصل الآي كقوافي الشعر ، وفائدتها الوقف والدلالة على أنّ الكلام قد انقطع ، وأن ما بعده مستأنف.
٦٨ ـ (رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ) للضلال والإضلال (وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) بالباء عاصم ليدل على أشدّ اللعن وأعظمه ، وغيره بالثاء تكثيرا لأعداد اللعائن ، ونزل في شأن زيد وزينب وما سمع فيه من قالة بعض الناس :
__________________
(١) في (ظ) و (ز) الاتقاد.
(٢) البضعة : بفتح الباء وكسرها القطعة من اللحم (القاموس ٣ / ٥).
(٣) في (ز) وخصصت.