(مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (٦١) سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً (٦٢) يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) (٦٣)
قوله : (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) (١) (وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ) هم أناس كانوا يرجفون بأخبار السوء عن سرايا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيقولون هزموا وقتلوا وجرى عليهم كيت وكيت ، فيكسرون بذلك قلوب المؤمنين ، يقال أرجف بكذا إذا أخبر به على غير حقيقة لكونه خبرا متزلزلا غير ثابت من الرجفة ، وهي الزلزلة (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) لنأمرنّك بقتالهم ، أو لنسلطنّك عليهم (ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها) في المدينة ، وهو عطف على لنغرينّك لأنه يجوز أن يجاب به القسم لصحة قولك لئن لم ينتهوا لا يجاورونك ، ولما كان الجلاء عن الوطن أعظم من جميع ما يصيبوا (٢) به عطف بثم لبعد حاله عن حال المعطوف عليه (إِلَّا قَلِيلاً) زمانا قليلا ، والمعنى لئن لم ينته المنافقون عن عداوتهم وكيدهم ، والفسقة عن فجورهم ، والمرجفون عما يؤلّفون من أخبار السوء لنأمرنّك بأن تفعل الأفعال التي تسوءهم ، ثم بأن تضطّرهم إلى طلب الجلاء عن المدينة ، وإلى أن لا يساكنوك فيها إلّا زمانا قليلا ريثما يرتحلون ، فسمّي ذلك إغراء ، وهو التحريش على سبيل المجاز.
٦١ ـ (مَلْعُونِينَ) نصب على الشتم ، أو الحال أي لا يجاورنك إلا ملعونين ، فالاستثناء دخل على الظرف والحال معا كما مر ، ولا ينتصب عن أخذوا لأنّ ما بعد حروف الشرط لا يعمل فيما قبلها (أَيْنَما ثُقِفُوا) وجدوا (أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) والتشديد يدلّ على التكثير.
٦٢ ـ (سُنَّةَ اللهِ) في موضع مصدر مؤكد ، أي سنّ الله في الذين ينافقون الأنبياء أن يقتلوا أينما وجدوا (فِي الَّذِينَ خَلَوْا) مضوا (مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) أي لا يبدّل الله سنّته بل يجريها مجرى واحدا في الأمم.
٦٣ ـ (يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ) كان المشركون يسألون رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن وقت قيام الساعة استعجالا عل سبيل الهزء ، واليهود يسألونه امتحانا لأنّ الله تعالى عمّى وقتها في التوراة وفي كلّ كتاب ، فأمر رسوله بأن يجيبهم بأنه علم قد استأثر الله
__________________
(١) الآية ٣٢ من هذه السورة.
(٢) في (ظ) و (ز) أصيبوا.