(كَذلِكَ وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً (٩١) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (٩٢) حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً (٩٣) قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) (٩٤)
الزنج (١) (لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها) من دون الشمس (سِتْراً) أي أبنية ، عن كعب : أرضهم لا تمسك الأبنية وبها سردات (٢) ، فإذا طلعت الشمس دخلوها ، فإذا ارتفع النهار خرجوا إلى معايشهم ، أو الستر اللباس ، عن مجاهد : من لا يلبس الثياب من السودان عند مطلع الشمس أكثر من جميع أهل الأرض.
٩١ ـ (كَذلِكَ) أي أمر ذي القرنين كذلك ، أي كما وصفناه تعظيما لأمره (وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ) من الجنود والآلات وأسباب الملك (خُبْراً) نصب على المصدر لأن في أحطنا معنى خبرنا ، أو بلغ مطلع الشمس مثل ذلك ، أي كما بلغ مغربها ، أو تطلع على قوم مثل ذلك القبيل الذي تغرب عليهم ، يعني أنهم كفرة مثلهم وحكمهم مثل حكمهم في تعذيبه لمن بقي منهم على الكفر وإحسانه إلى من آمن منهم.
٩٢ ـ ٩٣ ـ (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً. حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) بين الجبلين وهما جبلان سدّ ذو القرنين ما بينهما. السّدين وسدا مكي وأبو عمرو وحفص ، السّدين وسدا حمزة وعليّ ، وبضمّهما غيرهم ، قيل ما كان مسدودا خلقة فهو مضموم وما كان من عمل العباد فهو مفتوح ، وانتصب على أنه مفعول به مبلوغ (٣) ، كما أنجر بالإضافة في (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) وكما ارتفع في (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) (٤) لأنه من الظروف التي تستعمل أسماء وظروفا ، وهذا المكان في منقطع أرض الترك مما يلي المشرق (وَجَدَ مِنْ دُونِهِما) من ورائهما (قَوْماً) هم الترك لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً) أي لا يكادون يفهمونه إلا بجهد ومشقة من إشارة ونحوها. يفقهون حمزة وعليّ ، أي (٥) لا يفهمون السامع كلامهم ولا يبيّنونه ، لأن لغتهم غريبة مجهولة.
٩٤ ـ (قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ) هما اسمان أعجميان بدليل منع الصرف وهمزهما عاصم فقط ، وهما من ولد يافث ، أو يأجوج من الترك ومأجوج من
__________________
(١) الزنج : هم السودان من سلالة حام (الأنساب ٣ / ١٧٠) وقيل الزنج من قرى نيسابور (معجم البلدان ٣ / ١٧٢) والأول حسب السياق أوفق.
(٢) في (ظ) و (ز) أسراب ، والسّرد الثقب.
(٣) في (ز) لبلغ.
(٤) الأنعام ، ٦ / ٩٤.
(٥) في (ز) أن.