(قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً (٩٥) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) (٩٦)
الجيل (١) والدّيلم (مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) قيل كانوا يأكلون الناس ، وقيل كانوا يخرجون أيام الربيع فلا يتركون شيئا أخضر إلا أكلوه ، ولا يابسا إلّا احتملوه ، ولا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف ذكر من صلبه كلّهم قد حمل السلاح ، وقيل هم على صنفين طوال مفرطو الطول وقصار مفرطو القصر (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً) خراجا حمزة وعليّ ، أي جعلا نخرجه من أموالنا ، ونظيرهما النّول والنّوال (عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا).
٩٥ ـ (قالَ ما مَكَّنِّي) بالإدغام وبفكّه مكي (فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ) أي ما جعلني فيه مكينا من كثرة المال واليسار خير مما تبذلون من الخراج فلا حاجة بي (٢) إليه (فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ) بفعلة وصنّاع يحسنون البناء والعمل وبالآلات (أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً) جدارا أو حاجزا حصينا موثقا ، والردم أكبر من السدّ.
٩٦ ـ (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ) قطع الحديد والزّبرة القطعة الكبيرة ، قيل حفر الأساس حتى بلغ الماء ، وجعل الأساس من الصخر والنّحاس المذاب ، والبنيان من زبر الحديد بينها الحطب والفحم حتى سدّ ما بين الجبلين إلى أعلاهما ، ثم وضع المنافيخ حتى إذا صارت كالنار صبّ النحاس المذاب على الحديد المحمّى ، فاختلط والتصق بعضه ببعض وصار جبلا (٣) صلدا ، وقيل بعد ما بين السدّين مائة فرسخ (حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) بفتحتين جانبي الجبلين لأنها يتصادفان أي يتقابلان : الصّدفين مكي وبصري وشامي ، الصّدفين أبو بكر (قالَ انْفُخُوا) أي قال ذو القرنين للعملة انفخوا في الحديد (حَتَّى إِذا جَعَلَهُ) أي المنفوخ فيه وهو الحديد (ناراً) كالنار (قالَ آتُونِي) أعطوني (أُفْرِغْ) أصبّ (عَلَيْهِ قِطْراً) نحاسا مذابا لأنه يقطر ، وهو منصوب بأفرغ وتقديره وآتوني قطرا (٤) فحذف الأول لدلالة الثاني عليه ، قال ائتوني بوصل
__________________
(١) الجيل : هم أهل بلاد متفرقة وراء طبرستان ويقال لها كيل وكيلان فعرّب والمنتسبون إليها كثير (الأنساب ٢ / ١٤٥) وقيل هم من أبناء فارس انتقلوا من نواحي اصطخر فنزلوا بطرف من البحرين فغرسوا وزرعوا وحفروا وأقاموا هناك (معجم البلدان ٢ / ٢٣٤).
(٢) في (ظ) و (ز) لي.
(٣) في (ز) جلدا أو.
(٤) زاد في (ظ) و (ز) أفرغ عليه قطرا.