(قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً (٨٧) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً (٨٨) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (٨٩) حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً) (٩٠)
فيها الحمأة ، حامية شامي وكوفي غير حفص بمعنى حارّة ، وعن أبي ذر : كنت رديف رسول الله صلىاللهعليهوسلم على جمل ، فرأى الشمس حين غابت ، فقال : (أتدري يا أبا ذر أين تغرب هذه؟) قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : (فإنها تغرب في عين حامية) (١) ، وكان ابن عباس رضي الله عنهما عند معاوية فقرأ معاوية حامية ، فقال ابن عباس : حمئة ، فقال معاوية لعبد الله بن عمرو : كيف تقرؤها؟ فقال : كما يقرأ أمير المؤمنين ، ثم وجه إلى كعب الأحبار : كيف تجد الشمس تغرب؟ قال في ماء وطين كذلك نجده في التوراة ، فوافق قول ابن عباس رضي الله عنهما ولا تنافي ، فجاز أن تكون العين جامعة للوصفين جميعا (وَوَجَدَ عِنْدَها) عند تلك العين (قَوْماً) عراة من الثياب ، لباسهم جلود الصيد ، وطعامهم ما لفظ اليحر ، وكانوا كفارا (قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً) إن كان نبيا فقد أوحى الله إليه بهذا ، وإلا فقد أوحى إلى نبيّ فأمره النبيّ به ، أو كان إلهاما ، خيّر بين أن يعذّبهم بالقتل إن أصروا على أمرهم وبين أن يتخذ فيهم حسنا بإكرامهم وتعليم الشرائع إن آمنوا ، أو التعذيب القتل واتخاذ الحسن الأسر لأنه بالنظر إلى القتل إحسان.
٨٧ ـ (قالَ) ذو القرنين (أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ) بالقتل (ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً) في القيامة ، يعني أما من دعوته إلى الإسلام فأبى إلا البقاء على الظلم العظيم وهو الشرك ، فذاك هو المعذّب في الدارين.
٨٨ ـ (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) أي عمل ما يقتضيه الإيمان (فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى) (٢) فله جزاء الفعلة الحسنى التي هي كلمة الشهادة. جزاء الحسنى كوفي غير أبي بكر ، أي فله الفعلة الحسنى جزاء (وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً) أي ذا يسر أي لا نأمره بالصعب الشاقّ ولكن بالسهل المتيسّر من الزكاة والخراج وغير ذلك.
٨٩ ـ ٩٠ ـ (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً. حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ) هم
__________________
(١) هو في الصحيحين دون قوله : تغرب في عين حامية ، ورواه أبو داود والحاكم وابن أبي شيبة والبزار وأبو يعلى ، وفي كتب الحديث على حمار وليس على جمل.
(٢) في مصحف النسفي (جَزاءً الْحُسْنى) بالنصب من غير تنوين وهي قراءة.