(قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٧٥) قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (٧٦) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) (٧٧)
أهون من إغراق أهل السفينة ، أو معناه جئت شيئا أنكر من الأول ، لأنّ الخرق يمكن تداركه بالسدّ ولا يمكن تدارك القتل.
٧٥ ـ (قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) زاد لك هنا لأنّ النّكير فيه (١) أكثر.
٧٦ ـ (قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها) بعد هذه الكرّة أو المسألة (فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) أعذرت فيما بيني وبينك في الفراق (٢) ، بتخفيف النون مدني وأبو بكر.
٧٧ ـ (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ) هي أنطاكية (٣) أو الأيلة (٤) ، وهي أبعد أرض الله من السماء (اسْتَطْعَما أَهْلَها) استضافا (فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما) ضيّفه أنزله وجعله ضيفه قال عليهالسلام : (كانوا أهل قرية لئاما) (٥) وقيل شرّ القرى التي تبخل بالقرى (فَوَجَدا فِيها) في القرية (جِداراً) طوله مائة ذراع (يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ) يكاد يسقط ، استعيرت الإرادة للمداناة والمشارفة كما استعير الهمّ والعزم لذلك (فَأَقامَهُ) بيده ، أو مسحه بيده فقام واستوى ، أو نقضه وبناه ، كانت الحال حال اضطرار وافتقار إلى المطعم وقد لزّتهما الحاجة إلى آخر كسب المرء وهو المسألة ، فلم يجدا مواسيا ، فلما أقام الجدار لم يتمالك موسى لما رآى من الحرمان ومساس الحاجة أن (قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) أي لطلبت على عملك جعلا حتى تستدفع به الضرورة. لتخذت بتخفيف التاء وكسر الخاء وإدغام الذال بصري ، وبإظهارها مكي ، وبتشديد التاء وفتح الخاء وإظهار الذال حفص ، وبتشديد التاء وفتح
__________________
(١) في (ظ) و (ز) لأن النكر فيه.
(٢) في (ز) ولدني بتخفيف النون.
(٣) إنطاكية : قصبة العواصم من الثغور الشامية بينها وبين حلب يوم وليلة ، فتحها أبو عبيدة بن الجراح صلحا انتقل إليها قوم من أهل حمص وبعلبك مرابطة (معجم البلدان ١ / ٣١٦).
(٤) الأبلّة : بلدة على شاطئ دجلة البصرة وهي أقدم منها مصرت أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ونسب إليها جماعة من رواة العلم (معجم البلدان ١ / ٩٨).
(٥) النسائي عن أبي بن كعب.