(قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٧٢) قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (٧٣) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) (٧٤)
(قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها) ليغرق حمزة وعليّ من غرق (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) أتيت شيئا عظيما من أمر الأمر إذا عظم.
٧٢ ـ (قالَ) أي الخضر (أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) فلما رأى موسى أنّ الخرق لا يدخله الماء ولم يضر من في السفينة (١).
٧٣ ـ (قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ) بالذي نسيته أو بشيء نسيته أو بنسياني ، أراد أنه نسي وصيته ولا مؤاخذة على الناسي ، أو أراد بالنسيان الترك أي لا تؤاخذني بما تركت من وصيتك أول مرة (وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً) رهقه إذا غشيه وأرهقه إياه ، أي ولا تغشني عسرا من أمري ، وهو اتباعه إياه ، ولا تعسّر عليّ متابعتك ويسّرها عليّ بالإغضاء وترك المناقشة.
٧٤ ـ (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ) قيل ضرب برأسه الحائط ، وقيل أضجعه ثم ذبحه بالسكين ، وإنما قال فقتله بالفاء وقال خرقها بغير فاء لأن خرقها جعل جزاء للشرط وجعل قتله من جملة الشرط معطوفا عليه ، والجزاء (قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً) وإنما خولف بينهما لأنّ خرق السفينة لم يتعقب بالركوب (٢) وقد تعقب القتل لقاء الغلام (زَكِيَّةً) زاكية حجازي وأبو عمرو ، وهي الطاهرة من الذنوب إما لأنها طاهرة عنده لأنه لم يرها قد أذنبت ، أو لأنها صغيرة لم تبلغ الحنث (بِغَيْرِ نَفْسٍ) أي لم تقتل نفسا فيقتصّ منها ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنّ نجدة الحروريّ (٣) كتب إليه : كيف جاز قتله وقد نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قتل الولدان؟ فكتب إليه إن علمت من حال الولدان ما علمه موسى فلك أن تقتل (٤) (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) وبضم الكاف حيث كان مدني وأبو بكر ، وهو المنكر ، وقيل النكر أقلّ من الأمر ، لأن قتل نفس واحدة
__________________
(١) في (ز) ولم يفر من السفينة.
(٢) في (ظ) و (ز) الركوب.
(٣) نجدة الحروري : هو نجدة بن عامر الحروري الحنفي من بني حنيفة من بكر بن وائل. رأس الفرقة «النجدية» نسبة إليه انفرد عن سائر الخوارج بآراء ولد عام ٣٦ ه ومات عام ٦٩ ه (الأعلام ٨ / ١٠).
(٤) أبو يعلى نحوه ، وأصله في مسلم بغير هذا السياق.