(قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (٧٨) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً (٧٩) وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً (٨٠) فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً) (٨١)
الخاء وإدغام الذال في التاء غيرهم ، والتاء في تخذ أصل كما في تبع ، واتخذ افتعل منه كاتبع من تبع ، وليس من الأخذ في شيء.
٧٨ ـ (قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) هذا إشارة إلى السؤال الثالث ، أي هذا الاعتراض سبب الفراق ، والأصل هذا فراق بيني وبينك وقد قرئ به ، فأضيف المصدر إلى الظرف كما يضاف إلى المفعول به (سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً).
٧٩ ـ (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ) قيل كانت لعشرة أخوة خمسة منهم زمنى وخمسة يعملون في البحر (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) أجعلها ذات عيب (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ) أمامهم أو خلفهم ، وكان طريقهم في رجوعهم عليه ، وما كان عندهم خبره ، فأعلم الله به الخضر ، وهو جلندي (يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) أي يأخذ كلّ سفينة صالحة لا عيب فيها غصبا ، وإن كانت معيبة تركها ، وهو مصدر أو مفعول له ، فإن قلت : قوله فأردت أن أعيبها مسبّب عن خوف الغصب عليها ، فكان حقّه أن يتأخر عن السبب ، قلت : المراد به التأخير وإنما قدّم للعناية.
٨٠ ـ (وَأَمَّا الْغُلامُ) وكان اسمه الحسين (فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً) فخفنا أن يغشي الوالدين المؤمنين طغيانا عليهما وكفرا لنعمتهما بعقوقه وسوء صنيعه ويلحق بهما شرا وبلاء ، أو يعديهما بدائه ويضلّهما بضلاله فيرتدا بسببه ، وهو من كلام الخضر ، وإنما خشي الخضر منه ذلك لأنه تعالى أعلمه بحاله وأطلعه على سر أمره ، وإن كان من قول الله تعالى فمعنى فخشينا فعلمنا إن عاش أن يصير سببا لكفر والديه.
٨١ ـ (فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما) يبدّلهما ربّهما مدني وأبو عمرو (خَيْراً مِنْهُ زَكاةً) طهارة ونقاء من الذنوب (وَأَقْرَبَ رُحْماً) رحمة وعطفا وزكاة ، ورحما تمييز ، روي أنّه ولدت لهما جارية تزوجها نبي فولدت نبيا أو سبعين نبيا ، أو أبدلهما ابنا مؤمنا مثلهما ، رحما شامي وهما لغتان.