(قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (٦٨) قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (٦٩) قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (٧٠) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) (٧١)
أرشد به في ديني ، رشدا أبو عمرو وهما لغتان كالبخل والبخل ، وفيه دليل على أنه لا ينبغي لأحد أن يترك طلب العلم وإن كان قد بلغ نهايته ، وأن يتواضع لمن هو أعلم منه.
٦٧ ـ (قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ) وبفتح الياء حفص ، وكذا ما بعده في هذه السورة (صَبْراً) أي عن الإنكار والسؤال.
٦٨ ـ (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) تمييز ، نفى استطاعة الصبر معه على وجه التأكيد ، وعلّل ذلك بأنه يتولى أمورا هي في ظاهرها مناكير والرجل الصالح لا يتمالك أن يجزع إذا رأى ذلك فكيف إذا كان نبيّا؟.
٦٩ ـ (قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً) من الصابرين عن الإنكار والإعراض (وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً) في محلّ النصب عطف على صابرا ، أي ستجدني صابرا وغير عاص ، أو هو عطف على ستجدني ولا محل له.
٧٠ ـ (قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي) بفتح اللام وتشديد النون مدني وشامي وبسكون اللام وتخفيف النون غيرهما ، والياء ثابتة فيهما إجماعا (عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) أي فمن شرط اتّباعك لي أنك إذا رأيت مني شيئا وقد علمت أنه صحيح إلّا أنه خفي عليك وجه صحته فانكرت في نفسك أن لا تفاتحني بالسؤال ولا تراجعني فيه حتى أكون أنا الفاتح عليك ، وهذا من أدب المتعلّم مع العالم والمتبوع مع التابع.
٧١ ـ (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها) فانطلقا على ساحل البحر يطلبان السفينة ، فلما ركباها قال أهلها : هما من اللصوص ، وقال صاحب السفينة : أرى وجوه الأنبياء ، فحملوهما بغير نول (١) ، فلما لججوا (٢) أخذ الخضر الفأس فخرق السفينة بأن قلع لوحين من ألواحها مما يلي الماء فجعل موسى يسدّ الخرق بثيابه ثم
__________________
(١) من غير نول : من غير أجرة أي مجانا.
(٢) لججوا : خاضوا في الماء ، أي ابتعدت السفينة في عرض الماء.