(وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً (٥٢) وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً (٥٣) وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً (٥٤) وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً (٥٥) وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً) (٥٦)
٥٢ ـ (وَيَوْمَ يَقُولُ) الله للكفار ، وبالنون حمزة (نادُوا) ادعوا بصوت عال (شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ) أنهم فيكم شركائي ليمنعوكم من عذابي ، وأراد الجنّ وأضاف الشركاء إليه على زعمهم توبيخا لهم (فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً) مهلكا من وبق يبق وبوقا إذا هلك ، أو مصدر كالموعد أي وجعلنا بينهم واديا من أودية جهنم هو مكان الهلاك والعذاب الشديد مشتركا يهلكون فيه جميعا ، أو الملائكة وعزيرا وعيسى ، والموبق البرزخ البعيد ، أي وجعلنا بينهم أمدا بعيدا لأنهم في قعر جهنم وهم في أعلى الجنان.
٥٣ ـ (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا) فأيقنوا (أَنَّهُمْ مُواقِعُوها) مخالطوها ، واقعون فيها (وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها) عن النار (مَصْرِفاً) معدلا.
٥٤ ـ (وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) يحتاجون إليه (وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) تمييز ، أي أكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدل إن فصلتها واحدا بعد واحد خصومة ومماراة بالباطل ، يعني أنّ جدل الإنسان أكثر من جدل كلّ شيء.
٥٥ ـ (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) أي سببه وهو الكتاب والرسول (وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ) أن الأولى نصب والثانية رفع وقبلها مضاف محذوف تقديره وما منع الناس الإيمان والاستغفار إلا انتظار أن تأتيهم سنّة الأولين وهي الإهلاك ، أو انتظار أن يأتيهم العذاب أي عذاب الآخرة (قُبُلاً) كوفي أي أنواعا جمع قبيل. الباقون قبلا أي عيانا.
٥٦ ـ (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) يوقف عليه ، ويستأنف بقوله (وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ) هو قولهم للرسل (ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) (١) (وَلَوْ
__________________
(١) يس ، ٣٦ / ١٥.