ربطت الفرس أربطه ، فاستعير في إلهام الطمأنينة والصبر على المكاره لحصول تقوية القلب وتشديده بتوفيق الله تعالى. وسمي المكان الذي يخصّ بإقامة حفظة فيه رباطا. والمرابطة : كالمحافظة ؛ وهو ضربان : مرابطة في ثغور المسلمين ، ومرابطة النفس فإنها كمن أقيم في ثغر وفوّض إليه مراعاته ، فيحتاج أن يراعيه غير مخلّ به. وذلك كالمجاهدة. وفي الحديث من المرابطة «انتظار الصلاة بعد الصلاة» (١) وفلان رابط الجأش : إذا قوي قلبه. وقوله تعالى : (وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ)(٢) إشارة إلى نحو قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ)(٣) عكس من قال فيهم : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ)(٤) قوله : (وَرابِطُوا)(٥) فيه قولان أحدهما : أقيموا على جهاد عدوّكم ورباط خيولكم. والثاني : ما قال عليه الصلاة والسّلام من «إسباغ الوضوء على المكاره وانتظار الصلاة ألا فذلكم الرّباط». وقوله : (وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ)(٦) يعني ارتباطها وحبسها معدّة للقتال. وقرأ عبد الله : (وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ)(٧) فربط : جمع رباط نحو حمر وحمار. وقال الهرويّ : يقال رباط وأربطة ثم ربط ، ظاهره أنّ ربطا جمع أربطة ، ولكن لا يريد ذلك لفساده صناعة. وقال القتيبيّ : المرابطة أن يربط هؤلاء خيولهم في ثغر ، وهؤلاء خيولهم في ثغر. يعني : فالمفاعلة محقّقة في ذلك. وفرس ربيط أي مربوط. وفي الحديث : «إنّ ربيط بني إسرائيل» (٨) أي حكيمهم الذي ربط نفسه عن الدنيا (٩) والرّبيط أيضا : رطب يصبّ عليه عسل ونحوه لئلا يجفّ. والرّباط أيضا : المواظبة على الشيء وما يربط (١٠) به من حبل ونحوه.
__________________
(١) النهاية : ٢ ١٨٥ ، وتتمته : «.. فذلكم الرّباط».
(٢) ١١ الأنفال : ٨.
(٣) ٤ الفتح : ٤٨.
(٤) ٤٣ إبراهيم : ١٤.
(٥) ٢٠٠ آل عمران : ٣.
(٦) ٦٠ الأنفال : ٨. والحديث قبله في النهاية : ٢ ١٨٥.
(٧) وكذا قرأها الحسن ، وقرأها أبو حيوة «ربط» (مختصر الشواذ : ٥٠).
(٨) النهاية : ٢ ١٨٦.
(٩) أي شدّها ومنعها.
(١٠) وفي الأصل : يرابط.