بمعنى فاعل كالمتشدّد كأنه شدّ صرته (١). وقال (٢) في قوله : (حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ) : وفيه تنبيه أنّ الإنسان إذا بلغ هذا القدر يتقوّى خلقه الذي هو عليه ، فلا يكاد يزايله بعد ذلك. وإليه نحا الشاعر ، قال (٣) : [من الطويل]
إذا المرء وافى الأربعين ولم يكن |
|
له دون ما يهوى حياء ولا ستر |
فدعه ولا تنفس عليه الذي مضى |
|
وإن جرّ أسباب الحياة له العمر |
وشدّ فلان واشتدّ : أسرع ، كأنه مأخوذ من قولهم : اشتدّت (٤) به الريح.
فصل الشين والراء
ش ر ب :
قوله تعالى : (فَشَرِبُوا مِنْهُ)(٥). الشّرب : تناول كلّ مائع بالفم من ماء وغيره. قوله تعالى : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ)(٦) أي تمكّن حبّه من قلوبهم تمكنا بمنزلة من شرب ماء فدخل جوفه. قوله تعالى : (فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ)(٧) قرئ بالضمّ والفتح على أنهما مصدران لشرب (٨) ، وفيه لغة ثالثة «شرب» بالكسر. يقال : شربت الماء شربا وشربا. والمعروف أن المضموم مصدر والمفتوح جمع شارب كقول النابغة الذبياني (٩) : [من البسيط]
__________________
(١) وفي س : صورته. ويؤيد ح رواية الراغب في المفردات : ٢٥٦.
(٢) يعني الراغب.
(٣) شاهد الراغب : ٢٥٦ ـ ٢٥٧.
(٤) في الأصل : اشتد.
(٥) ٢٤٩ البقرة : ٢.
(٦) ٩٣ البقرة : ٢.
(٧) ٥٥ الواقعة : ٥٦. أي شرب الإبل العطاش التي لا تروى.
(٨) قرأها ابن جريج يفتح الشين. وسائر القراء يرفعون الشين (معاني القرآن للفراء : ٣ ١٢٨). وقرأ مجاهد وأبو عثمان النهدي بالإمالة (مختصر الشواذ : ١٥١).
(٩) البيت من معلقته كما في الديوان : ١١. وفي الأصل : كأنه خارج. المفتأد : المشتوى والمطبخ ، وكل نار يشوى عليها تسمى فئيد.