الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً)(١) أي رزقا. ويعبّر بها عن الحياة والخصب كقوله : (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ)(٢) أي حياة بعد جدب. قوله : (هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي)(٣) أي التّمكين الذي مكّنني فيه ربي خير. قوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً)(٤) أي عطفا وصنعا. قوله تعالى : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ)(٥) أشار أولا إلى أن رحمته في الدنيا تشمل الفريقين : الكافر والمؤمن ، وأنها في الآخرة مختصة بالمؤمنين. قوله : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ)(٦) قرئ نصبا على : واتّقوا الأرحام أن تقطعوها ، وجرّا على أنها مقسم بها كقولهم : أنشدك بالله وبالرّحم. ولنا فيه كلام طويل اتقنّاه في غير هذا.
فصل الراء والخاء
ر خ ا :
قوله تعالى : (رُخاءً)(٧) أي لينة طيبة. والرّخاء : الواسع ، ومنه الحديث : «ليس كلّ الناس مرخى ـ أي موسع ـ عليه» (٨) وأصل ذلك من الرّخاوة. والرّخو : ضدّ الصلب. ومنه : الحروف الرّخوة ضدّ الشديدة حسبما بيّنا ذلك في «العقد النّضيد» وغيره (٩). وأرخيت السّتر من ذلك. ومن إرخاء السّتر استعير إرخاء سرحان. وفرس مرخاء (١٠) من خيل مراخ لإرسال
__________________
(١) ٩ هود : ١١.
(٢) ٢١ يونس : ١٠.
(٣) ٩٨ الكهف : ١٨.
(٤) ١٠٧ الأنبياء : ٢١.
(٥) ١٥٦ الأعراف : ٧.
(٦) ١ النساء : ٤. نصب الأرحام : يريد : واتقوا الأرحام أن تقطعوها. وشريك قرأها بالخفض. وقرأ بعضهم «تسّاءلون به».
(٧) ٣٦ ص : ٣٨.
(٨) النهاية : ٢ ٢١٢.
(٩) الحروف الرخوة ثلاثة عشر حرفا وهي : الثاء والحاء والخاء والذال والزاي والظاء والصاد والضاد والغين والفاء والسين والشين والهاء. والحرف الرّخو : هو الذي يجري فيه الصوت.
(١٠) فرس مرخاء : واسع الجري.