فيقولون : أهلكه الدهر ، وأصابتهم قوارع الدهر. فأخبرهم النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّ الذي يفعل ذلك بهم في الحقيقة هو الله تعالى ، فإذا سبّوا الدهر معتقدين أنه فاعل ذلك فإنما سبّوا الله تعالى. وقال آخرون : الدهر الثاني (١) مصدر واقع موقع الفاعل. والتقدير : فالدّهر أي مدبّر الأمور ومصرّفها ، وموقع الحوادث في الدهور ، ومفيض النّعم فيها هو الله تعالى. والأول أولى.
د ه ق :
قوله : (وَكَأْساً دِهاقاً)(٢) أي ملأى ؛ يقال : دهقت الكأس دهقا ودهاقا أي ملأتها. قاله الحسن وقال مجاهد : متتابعا ، والأول أشهر. ويقال : أدهقته أيضا فدهق.
د ه م :
قوله تعالى : (مُدْهامَّتانِ)(٣) أي خضراوان شديدتا الرّيّ ، أي غلب عليهما لون السواد. والعرب تقول للشجر : السّواد ، لخضرتها. ومنه سواد العراق لاخضرار أشجاره. فيعبّر بالدّهمة عن الخضرة الكاملة اللون ، كما يعبّر بالخضرة عن الدّهمة الناقصة اللون. يقال : ادهامّ (٤) الليل يدهامّ ادهيماما. فافعالّ أبلغ من افعلّ ، وذلك أنّ احمارّ أبلغ من احمرّ ، وكأنّ زيادة الحرف زيادة في المعنى. وقد أتقنّا هذا في مسألة الرحمن الرحيم في غير هذا الموضوع.
وقولهم : دهمه الأمر أي فاجأه بشدّة مظلمة. والدّهم : الغائلة (٥) ، والدّهيماء : الداهية.
__________________
(١) أي الدهر الثاني الذي ورد في الخبر غير الدهر الأول.
(٢) ٣٤ النبأ : ٧٨.
(٣) ٦٤ الرحمن : ٥٥.
(٤) في الأصل : أدهم. ولو كان كذا لوجب أن يكون مصدره : ادهماما كما يقول ابن منظور في مادة ـ دهم.
(٥) وفي اللسان : الجماعة الكثيرة ، عن الليث.