الوحي. ولنعم ما قيل في وصف نهج البلاغة : «أنه دون كلام الخالق ، وفوق كلام المخلوقين». (١)
بل أعود فأقول : إن تصديق علي عليهالسلام ـ وهو على ما عليه من البراعة في البلاغة ، والمعارف وسائر العلوم ـ لإعجاز القرآن هو بنفسه دليل على أن القرآن وحي إلهي ، فإن تصديقه بذلك لا يجوز أن يكون ناشئا عن الجهل والاغترار ، كيف وهو رب الفصاحة والبلاغة ، واليه تنتهي جميع العلوم الإسلامية وهو المثل الأعلى في المعارف ، وقد اعترف بنبوغه وفضله المؤالف والمخالف. وكذلك لا يجوز أن يكون تصديقه هذا تصديقا صوريا ناشئا عن طلب منفعة دنيوية من جاه أو مال ، كيف وهو منار الزهد والتقوى ، وقد أعرض عن الدنيا وزخارفها ، ورفض زعامة المسلمين حين اشترط عليه أن يسير بسيرة الشيخين ، وهو الذي لم يصانع معاوية بإبقائه على ولايته أياما قليلة ، مع علمه بعاقبة الأمر إذا عزله عن الولاية. وإذن فلا بد من أن يكون تصديقه بإعجاز القرآن تصديقا حقيقيا ، مطابقا للواقع ، ناشئا عن الإيمان الصادق. وهذا هو الصحيح ، والواقع المطلوب.
__________________
(١) مقدمة شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.