والحق : ان الخاص يكون مخصصا للعام تقدم عليه أو تأخر عنه ،
ولا يكون ناسخا له ، ولأجل ذلك يكتفى بخبر الواحد الجامع لشرائط الحجية في تخصيص
العام ـ على ما سيجيء من جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد ـ ولو كان الخاص المتأخر
ناسخا لم يصح ذلك ، لأن النسخ لا يثبت بخبر الواحد ، أضف إلى ذلك أن الآية ليس لها
عموم لفظي ، وإنما هو ثابت بالإطلاق ، ومقدمات الحكمة ، فإذا ورد من الأدلة ما
يصلح لتقييدها حكم بأن الإطلاق فيها غير مراد في الواقع.
١٣ ـ (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ
فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) «٤ : ٢٤».
فقد اشتهر بين
علماء أهل السنّة أن حليّة المتعة قد نسخت ، وثبت تحريمها إلى يوم القيامة ، وقد
أجمعت الشيعة الإمامية على بقاء حليّة المتعة وأن الآية المباركة لم تنسخ ،
ووافقهم على ذلك جماعة من الصحابة والتابعين.
قال ابن حزم : «ثبت
على إباحتها (المتعة) بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ابن مسعود ، ومعاوية ، وأبو سعيد ، وابن عباس ، وسلمة
ومعبد ، ابنا أمية بن خلف ، وجابر ، وعمرو بن حريث ، ورواه جابر عن جميع الصحابة ـ
مدة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبي بكر وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر (ثم قال) ومن
التابعين طاوس ، وسعيد بن جبير ، وعطاء وسائر فقهاء مكة» .
ونسب شيخ
الإسلام المرغيناني القول بجواز المتعة إلى مالك ، مستدلا عليه بقوله : «لأنه ـ نكاح
المتعة ـ كان مباحا فيبقى إلى أن يظهر ناسخه» .
__________________