وهذا القول مدفوع :
أولا : بأن هذا غير ثابت ، وإن كان مرويا في صحيح البخاري ، لأن النسخ لا يثبت بخبر الواحد إجماعا.
ثانيا : إنه موقوف على تأخر آية المواريث عن هذه الآية ، وأنّى للقائل بالنسخ إثبات ذلك؟ أما دعوى القطع بذلك من بعض الحنفية فعهدتها على مدّعيها.
ثالثا : إن هذا لا يتم في الأقربين ، فإنه لا إرث لهم مع الولد ، فكيف يعقل أن تكون آية المواريث ناسخة لحكم الوصية للأقربين؟ وعلى كلّ فإن آية المواريث من حيث ترتبها على عدم الوصية تكون مؤكدة لتشريع الوصية ونفوذها ، فلا معنى لكونها ناسخة لها.
وأما دعوى نسخ الآية بالرواية المتقدمة فهي أيضا باطلة من وجوه :
١ ـ ان الرواية لم تثبت صحتها ، والبخاري ومسلم لم يرضياها. وقد تكلم في تفسير المنار على سندهما (١).
٢ ـ إنها معارضة بالروايات المستفيضة عن أهل البيت عليهمالسلام الدالة على جواز الوصية للوارث ، ففي صحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سألته عن الوصية للوارث فقال : تجوز. قال : ثم تلا هذه الآية :
(إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) «٢ : ١٨٠».
وبمضمونها روايات اخرى (٢).
٣ ـ إن الرواية لو صحّت ، وسلمت عن المعارضة بشيء فهي لا تصلح لنسخ
__________________
(١) تفسير المنار : ٢ / ١٣٨.
(٢) الكافي : ٧ / ١٠ ، باب الوصية للوارث ، رقم الحديث : ٥.