جهة الإطلاق في تلك الموارد مختلفة ففي الأوّلين باعتبار الحكاية واسم المصدر وفي الأخيرين باعتبار الأصالة والمصدر ولذا يفهم منفهما الإختصاص.
ثم إنّ كلامه (رحمهالله) كما ترى لا إشعار فيه بقدم الكلام أصلا وإن قيل : إنّ المستفاد من فحوى كلامه وكلام أتباعه مثل الملّا محسن (١) ، أنّه قديم إلّا أنه ليس على ما ذهب اليه الأشاعرة الذين يجعلونه كلاما نفسانيا ، بل لأنّه بعض شئونه الذاتية وشئون الذات لا تتغّير.
أقول : ولعلّه استفاده من كلامه في مواضع أخر حيث يستفاد من بعض كلماته القول بوحدة الوجود وبإثبات الأعيان الثابتة والصور العلميّة والشئون الذاتية وعدم مجعوليّة الماهيّة بل ولا الوجود وكون البقاء للممكنات ببقاء الله تعالى لا بقائه وكونه فاعلا بالتجلّي (٢) وانّ بسيط الحقيقة كلّ الأشياء إلى غير ذلك من المسائل
__________________
(١) المولى محمّد بن مرتضى المدعو بمحسن والملقب بالفيض الكاشاني ، محقّق ، مدقّق جليل القدر ، عظيم الشأن ، رفيع المنزلة ، أديب شاعر ، متبحر في علوم عصره له قريب من مأة تأليف منها الصافي ، والوافي ، والشافي ، ومحجة البيضاء في إحياء الإحياء ، تلمذ على الملّا صدرا وزوّج ابنته وتلمذ أيضا على المير داماد وغير هما توفى سنة ١٠٩١ ه ، وقبره بكاشان معروف ومزار.
(٢) الفاعل بالتجلّى هو الذي يكون علمه التفصيلي بفعله قبل فعله ولا يقترن قبله بالداعي ولا يكون علمه السابق على فعله زائدا على ذاته بل يكون عين ذاته ، ولا فرق من هذا الجهة بينه وبين الفاعل بالرضا إلا أن العلم السابق على الفعل في الفاعل بالرضا الذي هو عين الفاعل إجمالي لا غير وفي الفاعل بالتجلّى يكون تفصيليا بمعنى أنه إجمالي في عين الكشف التفصيلي وإنّما ينشأ ذلك من كون الفاعل بسيط الحقيقة وانّ بسيط الحقيقة كل الأشياء ، فكما أن وجوده تعالى وتقدّس مع وحدته كلّ الوجودات بحيث لا يشذ عن سعة وجوده وجود فكذلك من علمه بذاته الذي يكون عين ذاته لا أمرا زائدا على ذاته يعلم كل الأشياء حيث لا يكون شيء خارجا عنه