وحشوية ، وكانت الدولة للمعتزلة لميل أوائل بني العباس كالرشيد والمأمون والمعتصم والمتوكل إلى الاعتزال ودام ذلك إلى أن ظهر أبو الحسن علي بن إسماعيل الاشعري البصري ، وكان أوّل أمره معتزليا من تلامذة أبي علي الجبائي ، وأراد الانفراد طلبا للرياسة فخالف شيخة وكفّره واتبعه على ذلك قوم من العامة في زمانه ، ومال اليه صلاح الدين يوسف بن أيوب سلطان مصر (١) وأمر بقتل من خالفه حتى شاع في بلاد الإسلام فلم يوّل القضاء والتدريس إلّا من كان أشعريا في الأصول ومقلّدا لأحد المذاهب الأربعة في الفروع ودام الأمر عليه إلى يومنا هذا.
ومن هنا يظهر سرّ ميل مشاهير أهل السنّة كالباقلاني (٢) ، وإمام
__________________
(١) صلاح الدين الأيوبي يوسف بن أيوب بن شادي أبو المظفر من أشهر ملوك الإسلام كان أبوه وأهله من قرية دوين (في شرقي آذربيجان) وولد بها صلاح الدين ، ونشأ في دمشق ، ودخل مع أبيه (نجم الدين) وعمه (شير كوه) في خدمة نور الدين محمود (صاحب دمشق وحلب وموصل) واشترك صلاح الدين مع عمه في حملة وجهها نور الدين لاستيلاء على مصر سنة ٥٥٩ ه فكانت وقائع ظهرت فيها مزايا صلاح الدين ، وتم الظفر باسم السلطان نور الدين ، فاستولى على زمام الأمور بمصر ، واستوكده خليفته العاضد الفاطمي ، ولكن شير كوه ما لبث ان مات ، فاختار العاضد للوزارة وقيادة الجيش صلاح الدين ، ولقبه بالملك الناصر ، ومرض العاضد مرض موته فقطع صلاح الدين خطبته وخطب للعباسيين ، وانتهى بذلك أمر الفاطميين ، ومات نور الدين سنة ٥٦٩ فاضطربت البلاد الشامية والجزيرة ، ودعا صلاح الدين لضبطها ، فاقبل على دمشق سنة ٥٧٠ واستولى على بعلبك وحمص وحماة وحلب ودانت له البلاد من آخر حدود النوبة جنوبا وبرقه غربا إلى بلاد الأرمن شمالا ، وبلاد الجزيرة والموصل شرقا ، وكانت مده حكمه بمصر ٢٤ سنة ، وبسورية ١٩ سنة توفى سنة ٥٨٩ وعمره ٥٧ سنه ، أعلام زركلي ج ٩ ص ٢٩١ ـ مرآة الزمان ج ٨ : ٣٢٥.
(٢) الباقلاني محمّد بن الطيب البصري القاضي المتكلم الأشعري سكن بغداد وتوفى بها سنة