الجبائي (١) فقال بقوله من هذه العظائم التي أحدها القول بقدم كلام الله سبحانه لأنه صفة القديم ، وحيث لزمهم بذلك أمور شنيعة ذهبوا إلى أن الكلام حقيقة كلام النفس ، وهذه الألفاظ ترجمة له بل ذكر صاحب «هداية» الأبرار» في سبب حدوث تلك المذاهب بين العامّة أنّ القدماء منهم بين جبرية وقدرية ومرجئة ومجّسمة
__________________
(١) كان أبو علي الجبائي محمّد بن عبد الوهاب شيخ المعتزلة ، ورئيس علماء الكلام في عصره ولد في سنة ٢٣٥ وتوفى في شعبان سنة ٣٠٣ في جبي من قرى البصرة.
قال الصفدي في الوافي بالوفيات ج ٤ ص ٣٩٨ ط مصر : أبو علي الجبائي كان إماما في علم الكلام ، وله مقالات مشهورة وتصانيف ـ أخذ عنه أبو هاشم عبد السّلام والشيخ أبو الحسن الاشعري كان الجبائي زوج امه ثم اعرض عنه الأشعري لما ظهر له فساد مذهبه وتاب منه.
قال ابن خلكان في وفيات الأعيان ج ٣ ص ٣٩٨ ط مصر : أبو علي الجبائي كان إماما في علم الكلام ، وعنه أخذ ابو الحسن الأشعري وله معه مناظرة روتها العلماء ، فيقال : ان أبا الحسن الاشعري شيخ الأشاعرة سأل يومأ استاذه أبا علي الجبائي عن ثلاثة إخوة : أحدهم كان مؤمنا برّا تقيا ، والثاني : كان كافرا فاسقا شقيا ، والثالث : كان صغيرا ، فماتوا ، فكيف حالهم؟ فقال الجبائي : أمّا الزاهد ففي الدرجات ، وأمّا الكافر ففي الدركات ، وأمّا الصغير ففي السلامة ، فقال الاشعري :
إن أراد الصغير أن يذهب إلى درجات الزاهد هل يؤذن له؟ فقال الجبائي : لا ، لأنه يقال له : إنّ أخاك إنّما وصل إلى هذه الدرجات بسبب الطاعات وأنت فاقد لها ، فقال الأشعري : فان قال ذلك الصغير : إنّك ما أبقيتني وإلّا كانت لي تلك الطاعات أيضا ، فقال الأستاذ يقول الباري : كنت أعلم أنّك لو بقيت لعصيت ، فراعيت مصلحتك ، فقال التلميذ : فلو قال الكافر : يا إله العالمين ، كما علمت حاله فقد علمت حالي ، فلم راعيت مصلحته دوني؟ فقال الجبائي للاشعري : إنّك مجنون فقال الأشعري : بل وقف حمار الشيخ في العقبة ، وهذه المناظرة صارت سببا لعدوله عن مذهب الأستاد ، الوافي بالوفيات ، وفيات الأعيان ، والبداية والنهاية والاعلام لخير الدين الزركلي ج ٧ ص ١٣٦.